محيي الدين إبراهيم إسماعيل - أنا حرة

نظرت لنفسها في المرآة .. دققت النظر في كل تفاصيلها كأنثى .. فاتنة .. رائعة .. شهية .. لماذا إذن أقبلت على عامها الثاني والثلاثين ولم يطرق الحب والزواج بابها حتى الآن .. ماذا يريد الرجال أكثر من الإرتباط بأنثى مثلي .. تردد صوت أمها في عقلها بأن وضع البلد جعل الكل يخشى الزواج الذي اصبح باهظ التكاليف .. هزت رأسها بالنفي أمام المرآة .. وماذا كان يفعل البشر قبل أختراع ( الفلوس ) ؟ .. هل أصبح عقاباً للفتاة أن تنتظر رجل ليرتبط بها وربما يأتي وربما لايأتي !! .. لماذا لا ينتظر الرجل الفتاة لترتبط به ؟ .. أنا أريد الحياة .. لن تمنعني هذه العادات السخيفة من أن أحرم نفسي من حقي في الحياة .. سأختار أنا الرجل الذي اريده وأتزوج به قبل أن أفقد القدرة على أن أكون أماً وزوجة في يوم من الأيام .. لكن كيف؟ .. لو خاطبت الفتاة أي رجل عن رغبتها في الزواج منه لوصفها بكل قبح العالم .. ليكن .. لن أستسلم لمن يريدون سلبي حقوقي .. سأتزوج .. ولكن ممن ؟ .. سؤال سخيف بالطبع !! .. سأتزوج ممن أريد أن أتزوج به .. سأتزوج بمن أجد فيه معظم الصفات التي أتمناها .. سأتزوجه على الفور .. على الفور .. لن أنتظر هنا كبضاعة فاسدة حتى يأتي من يختارني لأسباب أجهلها وربما تكون أسباب شاذة .. وضعت خطة تحافظ بها على كرامتها كأنثى وعلى رغبتها في تكوين أسرة لايمكن أن تكون حكراً فقط على اختيار الرجل .. الآن هي حكر أيضاً على المرأة .. كان زميلاً لها في المرحلة الثانوية .. تعرفه جيداً .. عاد لتوه من من انجلترا بعد ثمانية أعوام درس فيها الطب .. كان مرتبكاً قليلاً وهو يتجول بين المدعويين حين رمقته هي بعينيها .. بكي الطفل النائم بجوارها .. مدت يدها فوق صدره ليطمئن ويهدأ ويعود لنومه .. نظرت للطفل .. نظرت للرجل الذي يغرق في النوم بجوارهما .. سبحان الله .. الحفيد يشبه جده تماماً .. ربما هذا الشبه هو ماجعله يصر على أن ينام بينهما كما كانا يفعلان بأمه وهي في مثل سنه .. ستعود غداً لتصحبه إلى المنزل بعد عودتها من رحلة العمل في المحافظة الساحلية .. نظرت مرة أخرى لزوجها الغارق في النوم بجوار حفيده وهي تبتسم متمتمة: ماأروع هذا الرجل الذي اخترته بنفسي وتزوجته برغبتي وأحبه الآن أكثر من محبتي لذاتي .. أغلقت ألبوم الصور .. وضعته فوق ( الكومودينو ) أغلقت نور ( الأباجورة ) .. سمعت شخيراً مفاجئاً من زوجها فانزعجت لتضئ الأباجورة مرة أخرى وتطمئن على الحفيد .. وجدته في حضن جده يمص في اصبعه .. قالت بصوت مرتفع قليلاً قبل أن تطفئ النور مرة أخرى وتنام: كم احب هذان الرجلان.

أحدث المراجعات

فكرة النص بسيطة ولكنها جميلة، وقد قدم الكاتب فكرته بتلقائية عالية ،معتمدا على لقطة محورية وهي الحفيد النائم بجوار جده والتشابه الشديد بينهما، ومدى تعلق المرأة بحفيدها، وكذلك الجد الذي هو زوجها الذي أ تؤكد بحبها له أنها قد أحسنت اختياره

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى