سمير بية - سيلفي الكلب

رفعت السكرتيرة سمّاعة الهاتف فجاءها صوت الوزير: استدعي لي مدير دواني حالا"
_ حاضر سيّدي
- سيّدي الوزير يطلب حضورك في مكتبه حالا
- حسنا أنا قادم
دخل مدير الديوان مكتب المدير مسرعا وعلامات الخضوع بادية عليه:
- صباح الخير سيّدي خير إن شاء الله؟
- من أين يأتي الخير؟ أتجلس؟ انهض اسمعني جيدا، إنّ كلب " الشيواوا" الذي أهديته لزوجتي بمناسبة عيد مولدها في السنة الفارطة ضاع، فقد نهضت صباحا ولمْ تجده إلى جانبها في السّرير ، فبحثت عنه في كلّ مكان دون أن تعثر عليه وهي في حالة نفسيّة سيّئة.
- لا تقلق سيّدي الوزير سنجده سأبذل مافي وسعي لأجده
- أين كاتب الوزارة؟
- لقد غادر في زيارة ميدانيّة للإشراف على انطلاق أحد المشاريع التّنمويّة
- هاتفه حالا فليقطعْ زيارته وليعدْ فورا
-لكَ ذلك سيّدي
- أريد اجتماعات طارئا حالا
- حسنا سأدعو كلّ المديرين العامين ورؤساء المصالح فورا إلى قاعة الاجتماعات
أشار إليه الوزير بيده للخروج بينما أمسك سمّاعة الهاتف مخاطبا السكرتيرة: ألغي كلّ مواعيدي و صليني بوزير الدّاخليّة
تتالت الأحداث سريعة، فانتشرت دوريّات أمنية في المدينة، وبدأت عمليّة بحث واسعة، فصارت تصل اللّيل بالنّهار والنّهار بالليل ممشّطة الشوارع والأزقّة، وجنّدت بلدية المدينة أعوانها كافة للمساهمة في جهود البحث، وألقى خطباء الجمعة خطابا موضوعه الرّفق بالحيوان و دعوا للكلب الضائع بالسلامة و أن يرزق زوجة الوزير الصبر في محنتها، كما وُزّعت صور "الشيواوا" عل مختلف وسائل الإعلام، وخُصّصت بلاتوهات تناولت مناقب الكلب وبُثّت مقاطع فيديو له على وسائل التواصل الاجتماعي، فنالت إجابات وتعليقات قياسية، وانتشرت حملة تعاطف عالمية، فعرضت عدّة دول المساعدةفي البحث، فأرسلت هبات مالية، و تقدمت رتبة البلاد في تصنيف الدّول الدّاعمة لحقوق الحيوان والرفق به، كم أُرسلت فرق مختصة حاملة معها أحدث المعدّات التكنولوجية لاستعمالها في البحث. ومنها الطائرات المسيّرة عن بعد التي حلقت في سماء المدينة مفتشة عن الكلب، وأطلقت روبوتات لمساندة الجهود المبذولة. واُستُدعي الوزير في أحد البرامج فعرض مكافأة هامّة لمن يعثر على الكلب الضالّ.
و بعد أيام أثمرت الجهود المبذولة في العثور على الكلب المفقود مع مجموعة من الكلاب السائبة قرب مصبّ فضلات، يبدو أنّ الشيواوا قد ملّ الأكل النظيف و سجن سيدته ففرّ بحثا عن حريته. حُمل الكلب إلى عيادة البيطري لفحصه، فعمّت الفرحة وسائل الإعلام و الفيسبوك والانستغرام والتويتر و هبّ المهنٍّئون و المهنئات لتهنئة زوجة الوزير والتقاط صورة سيلفي مع الكلب الظريف. وقد حاولتُ أن أنال نصيبي من الشهرة لكنّ"الشيواوا" شَعُر بالإرهاق فحُمل ليستريح ولمْ يُسمحْ لي بالسيلفي ولم أظفرْ بغير هذه القصة التي كتبتها.




* من مجموعتي القصصية سأعيدها سيرتها الأولى:

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى