شريف محيي الدين إبراهيم - عصفور النور

بغتة، حاصرته ، غيمة !!
عجيبة، مفزعة!!
تزلزلت نفسه، وتصدعت جنباتها، حين التفت فوجد من حوله، آلاف الوجوه،، الضبابية
المرعبة.
وجوه مريبة ، وكأنها
عليها غبرة، ترهقها، قترة.

بحق كانت الغيمة مروعة،
تحجب الرؤيا،وتحبس الأنفاس
،وتغشي أعماقه، بظلام دامس، مهيب، ومرعب في الآن ذاته.
ولكنها حتما،مجرد غيمة،
فهي لم تكن كطوفان نوح.
ولم تكن كظلام بئر يوسف، ولا يم موسى الهادر.
لم تكن كظلمة بطن حوت يونس.

أصابته لوثة عنيفة.
جعل في قنوط، يطوح بذراعيه،
ويخرج من رئتيه زفيرا كعاصفة من غبار، من نار كالسعير.

كان مغاضبا ،يسعى في هيستيرية بلا هدف، بلا أمل، وكأنه قد أوشك على الرحيل.

تساءل لمن حوله في حيرة، :
هل ثمة غيمة أخرى قد مرت من هنا قبلا ؟!
قالوا :
لم تكن غيمة واحدة، بل آلاف الغيمات.
عبس، وعنهم تولى، ولم يصدقهم البتة.
عاد فسألهم في ريبة، دون حتى أن يتطلع إلى وجوههم :
وهل هذه الغيمة، أيضا ستمر؟!

وحينما، لم يأته ردهم، استدار كي يواجههم إلا أنه ، لم يجد أحدا منهم.
ارتد إلى نفسه، سقط على الأرض ورفع رأسه، إلى السماء ،وجعل ينصت إلى قلبه .
أبصر ، شعاعا قد تخلف من بقايا ألم،
من بقايا فقد و غدر.
هو لا يدري من أين أتى؟!
ولكنه أدرك أنه جاء ،إليه وحده، كي يحمله على، جناح سرمدي من نور، كى يعبر و يمر....
هو نفسه بذاته ولحمه وروحه!!
وجعل يسبح في بوتقة من لؤلؤ.
أدرك حينها أن آلاف الغيمات قد مرت من تحت قدميه من قبل.
حينها لم يسل، من صنعها، أو لما!!
فقط أدرك، أنه من ينادون اسمه، في الأفق، حتى يجلس، على عتبة ما، عله يمحو، آثار كل الغيمات.
حتى يبحر إلى شط، لا يوجد فيه لاغية، بل عين جارية.
هناك وجد شجرة، حانية، حين أوي إليها، ضمته فرجع كما العصفور.
شجرة جعلته، يغرد ويسبح في ملكوت خفي من ضي وهاج.
وحين عاد ينصت، سمعهم ينادون اسمه، كانوا يغنون :
دعك من الغيمة...
دعك من ألاف الغيمات....
حتما ستعبر...
فقط تفقد جناحيك وكن مستعدا حين تغرد.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى