عامر الطيب - سيكون لحبكِ أثر وجه ملطخ بالدم على الطاولة،

سيكون لحبكِ
أثر وجه ملطخ بالدم على الطاولة،
وجه تسرنا رؤيته
وهو يمحى..
ستنامين في الطرقات
و تحلمين برجل
يرتقي إلى السماء كنَفَسٍ أخير.
ستضعين يدك
هنا
و هنا
كما لو أنك تنثرين القمح
أما عند التلويح اذ يحين وداعنا
ستصير السنابل عالية بما يكفي
لأخفي يدي !

أحببتك في الصغر
بدلاً من نزق الطفولة
بدلاً من توم و جيري
و الاختباء خلف الباب لإرعاب الوالدة.
في المراهقة
كنتِ الهواية التي استوقفتني
وقد راح أقراني يلفون السجائر
خلسة
الآن بدا لي أنني أحبك
لأن حياتي طير
بسيقان نحيلة
كالشموع
ينبغي علينا أن نوقدها بين مرة
و أخرى
ليطير !

وجهك يلتمع كورق العنب
في ليلة راح كل من فيها
يبكي باللغة التي لا يتذكر كيف تعلمها .
قلبك سكين
صغير
و بارد
كعبارة شديدة الألفة.
عيناك سيارتان
دائختان آخر الفجر
و يدك المستلقية داخل جيبك
قبر مقفول بالأزهار !

ها أنا أدني رأسي لآكل
ما تقولينه
ثم أبتهج
لأنك في زمن قادم ستحبينني كثيراً .
ها أنا أحزن
لأنني سأكف عن رؤيتك في المقهى ذاته
مجبراً
اليوم و بعد اليوم
سأقف لبضع لحظات
فأحب الغيمة
التي غطت مقعدك
و الحجر
الذي يتفتت بين يديك
على نحو ما يحدث له في النبع .
ها أنا أقول لا شيء
يساوي أن يبذل المرء جهداً
من أجل إرواء نبتة
يهبها حبك
بهجة إضافية
فتموت !

أحزنتني رؤية الشلال
وهو ينهمر ككأس زجاجية مكسورة .
تعرفون
إنها سجيته التي
يحبُّ بها أنداده ،
إنها حيلته
التي يقسو بها على المطر !

مررنا من الكنيسة
التي كنتِ قد أحببت بها رجلاً
لعله ينعم الآن
بالراحة
وهو يلقي عليك نظرة منفرجة
من نافذته .
أنك تسيرين على خطى
النساء العظيمات في العالم
تضعين الحب الذي داهمته الشيخوخة
على كرسي متحرك
فيلهو كالأطفال!

أرتدي قبعة
و أسير مع المارة،
أتذكر مواعيدي و أرتب
أحذيتي طبقاً
لتواريخ شرائها.
أحبك و أحاول أن أتعلم الطبخ.
أدعي أنني توقفت
عن التدخين
منذ سنوات.
أعيش مع كتبي
معزولاً و دافئاً خارج مواساة البشر
المعذبين بسمو طموحاتهم.
أود أن تصير يدي ناعمة
كالجمل المستوحاة
و صبورة كالأفعى!

لماذا أنا في مأمن من الحب
مع أني محاط بصحبة
يتوقون لأن يغمى عليهم؟
لماذا أنا في الآن ذاته
الطفل الذي يعبث بالشمس
كما يعبث بمحبرة
و الشيخ الذي يرقص في الضباب؟
لماذا علي أن أسرع
في المشي
لأن حياتي خالدة
و أبطئ خطواتي
لكي أسبق موتي !

أياً كانت الغرفة
التي تفتحين نوافذها الآن
فهناك إطلالة
بعيدة
لملامحي .
أياً كانت الغيمة التي
تعبر على نحو زرقة زند متورمة ،
الأغنية التي يعاد سماعها ،
صوت القطار القادم
أو الضائع
أنني أبكي فوات أوانك
أيتها اليد الملفوفة كالقلادة في عنقي !

عامر الطيب

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى