محمد مزيد - نادية لطفي وهليل.. قصة قصيرة

أرسل هليل رسالة حب الى الفنانة نادية لطفي بالبريد العادي، ولما وصلت إليها أستغربت من الورقة الملونة التي كتبت بها رسالة الحب، وأشد ما أثار دهشتها أن المرسل العاشق الولهان كتب لها في نهاية الرسالة " إنك لم تتذوقي الملح العراقي، سأغمرك به، حالما توافقي على الزواج بي، طعم ملحنا العراقي مثل العسل " .. شعرت الفنانة بالخيلاء وهي تعيد قراءة الرسالة أكثر من مرة لاسيما بعد فشل علاقة حب عصفت بها مع أحد الفنانين الاكثر شهرة منها.
تتكون رسالة حب هليل من سبع صفحات، وعلى ظهر كل صفحة كتب عنوانه، كانت الرسالة عونا وقارب نجاة لها للتغلب على حزنها المدمر الذي تمر به، فكتبت له ردا بالغ الجمال والرقة تدعوه الى زيارة مصر والإلتقاء بها نكاية بالفنان الذي كسر قلبها الصغير. وبعد بضعة أسابيع وصل جواب نادية لطفي الى عنوان هليل في بيته، وكانت الحرب الايرانية قد أشتعلت للتو، فلم يصدق هليل ما جرى له، قرأ رسالة الفنانة عشرات المرات وطار صوابه من الفرح، فليس هناك في البيت من يعيش معه سوى والدته العجوز التي لاتفهم اي شيء من أحوال الفن والفنانين، فلم يخبرها ولدها بالخبر السعيد، أرتدى قاطه البنفسجي ووضع وردة بيضاء في جيب سترته الاعلى، وارتدى قميصا أبيضا وربطة عنق حمراء وذهب بالرسالة الى مبنى الاذاعة والتلفزيون، ليخبرهم بأن الفنانة نادية لطفي تدعوه الى زيارة مصر ليمثل معها في فيلم " أبي فوق الشجرة" الجزء الثاني ، وفي استعلامات الأذاعة والتلفزيون، كان هناك رجال يرتدون الملابس العسكرية الانيقة وهم يتبعون الفوج الرئاسي، قال لهم إنه يريد مقابلة المدير العام، ولما عرفوا السبب مسكه أحد جنود حماية المؤسسة من سترته البنفسجية ودفعه أمامه باتجاه الباب الذي دخل منه وضربه بركلة مدوية " جلاق " على مؤخرته، وقال له اذا عتبت باب المؤسسة، نأخذك الى الشماعية، ولكن هليل بالرغم من إلم الركلة، وقف على رصيف الشارع في الجهة المقابلة الى باب الاذاعة وبقي ينتظر، فقد أكتشف أن القائد يزور المبنى حاليا، ضمن زياراته التفقدية، وقد ألتقى الرئيس بالفريق الذي كان يعد صور المعركة، وخصوصا الشاعر الفلسطيني الذي كان يعرف بصوته الجهوري، ها هم قتلى المجوس تدوسهم اقدام جند القائد حارس البوابة الشرقية، ولما خرج القائد من المبنى بسيارته المارسيدس مع موكبه الضخم، صاح هليل عليه " سيدي الرئيس " فتوقفت سيارته، وركض رجال الحماية إليه لجلبه ماسكين ذراعه بعنف، فقال له " سيدي أريد سيارة برازيلي ، أهل خطيبتي لا يوافقون على زواجي الا ان تكون عندي سيارة" فضحك الرئيس ، وقال لهم اعطوه سيارة يابا " سُجل أسمه وعنوانه وبعد يومين أستلم هليل سيارة برازيلي زرقاء اللون من الشركة العامة للسيارات.
وبعد أسبوع ، باع هليل السيارة وقبض ثمنها أضعاف مضاعفة من الدولارات ، وأستطاع أن يستخرج جواز سفر، ليذهب بعدها الى السفارة المصرية ويحصل على الفيزا ثم يسافر هليل الى مصر.
وفي المطار تلقفه أحد المصريين، بعد أن عرض عليه قصته مع الفنانة نادية لطفي، قال له انه سيأخذه الى شقة أخت الفنانة، صعد سيارة التاكسي مع المصري، وقبل الوصول الى الشقة، أجلسه الى مقهى قريب منها " استريّح هنا" وصعد المصري الى شقته، رتب الامور مع زوجته ثم عاد إليه .
بعد شرب الشاي والسجائر أتجه المصري وهليل الى شقة أخت الفنانة نادية لطفي، وألتقى هليل عند الباب بإمرأة جميلة ترتدي ملابس فاضحة، بلع هليل ريقه عشرات المرات ثم دخل الى الشقة، وعند الليل، بعد أن تناول الكثير من الخمرة، جاءت راقصة شقراء تشبه الفنانة، رقصت وفرفش معها هليل ، وهو يراقصها، حتى فقد صوابه، فقالت له الراقصة انه أختارته ليكون بطلا معها في فيلمها " أبي فوق الشجرة الجزء الثاني " بدلا من عبد الحليم حافظ، وأشترطت عليه مبلغا من المال كي يوافق المخرج على قبوله ، وبطيب خاطر منح هليل ، بعد كتابة العقد معها، كل المبلغ الذي بحوزته الى الراقصة الشقراء على أمل أن يبدأ تصوير الفيلم معها في اليوم التالي.
وفي اليوم التالي ، صعد هليل التاكسي بقاطه البنفسجي والوردة البيضاء في جيبه مع الربطة الحمراء يصاحبه زوج أخت الفنانة نادية لطفي، وبعد مسير نصف ساعة، توقفت السيارة وسط الميدان، في الزحام البشري ، قال له المصري ، أنتظر هنا ، ستأتي سيارة الفنانة نادية لطفي بعد قليل. وأختفى الرجل وسط الزحام، بقي هليل ينتظر ساعة وساعتين ثم عشر ساعات وكل يومه ، وهو لحد الان مازال في الميدان ينتظر مجئ الفنانة نادية لطفي بسيارتها.


تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى