فوزية العلوي - فصـــــول.. شعر

قلت يأتي الصيف
وأرحل
فلأنتظر أن يجمعوا الحَبّ
كله في المطامير
وأن يكوّموا التبن تحت جبال الطين
وليقطفوا العنب ويهبوا للنحل حصته
وما تبقى فزبيب للأعراس
ليس لطيفا أن أترك الصيف وأرحل
سأقاسمهم أقمارهم
وهذر الليل
وسأحسوا شايهم بعبق الجمر
وما بقي من حديث القلب
وليقسموا علي بدراقهم
وماء القطران المثلج
ومروحة الجريد تلك لي بحريرها الوردي
وما تجلبه من نسيم الشوق
لكن الصيف ولّى وما رحلت
فاجأني الخريف عند الباب
قلت يرحل الخريف وأرحل
ليس لطيفا أن أذهب وأدع الخريف
متعلقا بأوراقه الهشة
والعصافير حائمة فوق بقايا البيادر
والغيم على أجفان السماء
والنساء يجمعن آخر المشمش والتين
عدة لحسوة الشتاء
والنجار يصلح الباب الكبير
كي لا تحركه الريح الجموح
تفطنت أن الوقت أدركني
وكنت أوشك على الذهاب
لكن الغيم أمسك بتلابيبي
والقط الرمادي الهرم
واليمامات اللائي يهدلن في قبو المطبخ
وكل الحسوات التي بطعم الجزر والثوم
والعسل الذي بطعم الليمون
والمزراب الذي ينشج عند النافذة
وجارتي التي عندها الربو والدوالي
وشالها البني الثقيل
وشايها الذي تصر ان اقاسمها اياه
وكعكات اللوز اللذيذة
وكل ما تحكيه عن اختها
التي ستزورها في أول الربيع
والخاتم الذي به عين هرة
الذي تغريني به إذا قبلت ولم أسافر
ومرش الزهر الذي لا تنفك ترشني بمائه
كلما هممت بالخروج
غير عابئة بالريح الباردة وعنقي....
الذي يتصلّب لأقل نسمة باردة
شاركتها الليل وفروة الهر الرمادي
الذي تقاسم حجرينا
عين عليّ وعين على جارتي
وغرغرته التي تختلط بغرغرة الابريق
واستمتاعه برائحة الخبز المشوي
المضمخ بزبدة الماعز
للخريف معها نكهة أخرى
لكني فكرت في غدر الشتاء
وسيوله العاوية
والريح الذي لا تذر وجها إلا خدشته
وجحافله السود التي يضيع معها الطريق
وطواحين الريح التي
تجهز نفسها لحرب خاسرة
وجارتي التي لا تفتأ تذكرني باني هناك وحيدة
وان اختها ربما تأتي قبل الربيع
وان القطار ربما يتعطل أن ذهبت
لكني وجدني عند الفجر متسللة
اجرجر حقيبتي
والقط عند العتبة يموء مستاء
حثثت الخطو وقلبي يرتجف
مخافة أن يدركني الشتاء

فوزية العلوي / تونس

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى