عواطف أحمد البتانوني - خواطر الخريف

عندما رأيتُ البشائرَ في السَّمَاءْ
غيوماً فضيةً وسُحُباً بيضاءْ
هتفتُ
أهْلاً بِكَ .. أَعُدْتَ يا صَديقي ؟
منذُ سنواتٍ نحنُ رفقاءْ
في شرفتي دائما انتظرُ
هذا اللقاءْ
فأنا سأرحلُ حتماً غداً
لأني في خريفِ العمْر بين اليأس والرجاءْ
وأنتَ باقٍ في الأزلْ
هلْ سَتجدُ بعدنا رُفقاءْ؟
عاشقين الجَمال..عابدين ، وشعراءْ
لا يا رفيقي..لا أظنّ
سوفَ تجدُ المقاعدَ مقلوبَه
والستائرَ مُسْدلةً سوداءْ
ستجدُ أصابعَها علي الأزْرارْ
وَنفُوساً تَقَوْقَعَتْ
وَعُيوناً ضاعَ بريقُها..تسمَّرتْ
ولأنَّ للروحِ هَمْساً
وللمادةِ صُراخاً وعُواءْ
سَتبْحَثُ كثيراً في كلِّ الدروبْ
عنِ الرفاق، عن الأصدقاءْ
عن الصَّادقين والأتقياءْ
عن الأُدباء والشعراءْ
آسفة.. ستجدُ في ركنٍ مجهولْ
قليلاً من الأحْرارْ
وكثيراً كثيراً من العبيدْ
همْ في قمَّة القُوة يُحَركونَ العالمَ بالأزرارْ
ولكنَّهم عبيدْ
ملايينُ المسامير والتروسْ
تدورُ في قلبِ الآلةِ
تسحقُ عِظامَ المعاني
وتحيلُ ورودها أشْلاءْ
وتَسقي شقوقَ الأرض بالدماءْ
وتغتالُ الجمالَ والنقاءْ
مكننةٌ..عولمةٌ..أسلحةٌ جبَّارةٌ
لا تكتفي بالأرضِ بل تُمزق السماءْ
إعصار مكتسح لا يوقفه شيء
يعربد فوقَ القمر والمشتري والجوزاءْ
يتاجرون في كل شيء
بلا خجل ولا حياءْ
تجار سلاح يُصدِّرونَ للشعوبِ الفناءْ
وماذا تنتج الحروب؟
غير اللاجئين واليتامى والأذلاء ؟
تجار للرقيقْ
يأكلون لحم الأبرياءْ
يمصُّون حتَّى النخاع والأحشاءْ
تجار السموم والأعضاءْ
أحجار باردة صماءْ
في بحثهم عن الثراءْ
لا يفرقون بين أمواتٍ وأحياءْ
ثم يجوبونَ العالمَ يتباكونَ على الفقراءْ
قلوبُهم تذوبُ من أجل قِطَّة فوقَ شجرَه
أو حوتٍ مسكينٍ لفظتْهُ المياهُ
أي رياءْ !!!
بالمالِ يحْصِدونَ كلَّ شيء
المقاعدَ..الشهرةَ..المباهج
أدعياءْ
حتي رفاتُهم في صناديق صغيرة
سوف تدور مع الأقمار في السماءْ
ولكن ما أبعدَهم عَنِ السَّماء !!
رفيقي .. أَنا أجلسُ في مقعدي
لا أملكُ إلا عَقلي وقَلمي
وتنهداتٌ تمزق صدري
وتَطوي الأيامَ والليالي، تطوي صفحاتِ عُمري
أَرتفعُ فوقَ الأحزانْ
وأعلمُ أنك تأتي يوماً
وقد أسدلوا الستائر،وغيروا المقاعدْ
وعلَّقوا على الحائط صُوري
وانصرفوا سريعاً..
لا وقتَ للأحزانْ
لكن..أحبُّ أن تَكونَ شهودي
ومِسبحتي وأورادي ومكان سجودي
وأقلامي وأوراقي
أحبتي ..
الربيع قادم
فلا أحزانْ

الكاتبة المصرية
عواطف أحمد البتانوني -

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى