صابر العبسي - ومَا لعزازيلَ طفْلُ السباسب

ومَا لعزازيلَ طفْلُ السباسب
هذا الشقيُّ الكحُوليّ
في الأرْض منْ ترْبةٍ أوْ ثَرى وطنٍ
غيْر آدم من غيْر ذاكرةٍ
غيْر آدم من غيْر أجنحةٍ
غيْر آدم منْ غيْر ربّ
ولكنّه الآن في الركْنِ من وحْشَة القفْر
بين رحَى الكشْفِ والحجْب
من ألْفِ عَام قُبيْلَ الولادةِ
متّهمٌ بمحاولةِ الطيران
بعيدا عن الطبْل والنّاي
في الضمّ والكفّ والأبْجديّةِ
متّهمٌ بالخُروج عن النصّ في زيّه العسْكريّ
وعنْ جادّة الطرقات مُسطّرة قبْل أنْ تبْسَط الأرْضُ
متّهمٌ بادّعاء النبوّةِ في مهْمه اللّيل
يشْهدُ عن ذلك الكأْسُ والمنْفضَةْ
وهوْ يسْتبدلُ الكلماتِ بأجْنِحَة الشمْع
متّهم بالتآمر سرّا
على قلْبِ أنْظمة الله والله أعلى وأبعد
متّهمٌ بالتّعرّي،
أمامَ تماثيلِ آلهة البرْلمانِ المُقدّسِ
متّهمٌ بالتّشككِ في معْلفِ الاسْتنارة للانْتفاضَةِ
متّهمٌ بالتّنطع والشّطْحِ
والسّحْرِ والشّعْوذَةْ
حينَ أقْنعَ سائحةً
أنّ تُونسَ أجْملُ منْها
وإنْ أرْضعْته حليبَ المرَارةِ
متّهمٌ بالتّغوّط فِي سَاحة المحْكمهْ
على قبّعات القُضاةِ
زبَانيّة النفْي، والنّهي والضّبْط،
متّهم باخْتلاس المَواشي من المعبد الأثري
وتوزيعها بالتّساوي على المعْدمين قرابينَ
متّهمٌ بإشَاعة أخْطر أَوْبئة العصْر
كالهدْم،
والرفْض،
والمحْو والشطبِ
والانْشقاق عن العرْف
متّهمُ باصْطيادِ الأيائلِ من جُبّة المُتنبّي
وتفْخيخ موْكبِه الفخْم،
متّهمٌ بالتفكّر في حرْق مرْكب نوح،
وقارب رعْ،
وقتْل السّلوقيّ حارس بوّابة الربّ
متّهم بالتّسللِ ليْلاً،
إلى النبْع منْ جنّةِ الذئْب،
متّهمٌ بالتحرّش في نوْمه بابْنةِ الجلبيّ
وإخْمَاد قنْديل بَابِ المَنارةِ
فيمَا هُو الآنَ
فِي اللغْط هَذا من المذْئبةْ
كانَ مُضْطجعًا،
وسْط قصْعة حمّامِه الضحْلِ
يدْعَكُ في لهْفةٍ عضْوَهُ الذكريّ
بصَابُونَة اللاّمُبالاةِ
يدْعكُ أوْدَاجَه المُتْرَبةْ
على وقْع حُمَّى
حماة الحمى
يَا حماة الحمى
فَيرَى السقْفَ قاعًا
يَرَى القاعَ سقْفًا
تُجنْدلُهُ الوحْوحَاتُ،
تُفتّته الوحْوحاتُ،
تُطوّحه الوحْوحَاتُ،
بَعيدًا عَنِ السّاعةِ الحَائطيّةِ،
عنْ ربْقة الطين،
عنْ خاتم الواجبات،
من العادَة المدْجنةْ
فجنّ،
يرفْرفُ فوْق الدّنى كلَّها
يرْتَخي،
يتَبخّرُ أقْصى ذُرَى التجْربةْ
قَريبًا
قريبًا إذنْ
سَتَجيءُ،
تَجيءُ،
تَجيءُ،
لعلّ غدًا أوْ بعيْدَ غدٍ
ستَجيءُ الهنيهةَ
أوْلاَ تَجيءُ القصيدةُ
هذي القصيدةُ حورية الله فسْتقةٌ بضّةٌ
تحْتَهُ تتنفّضُ بيْن مخَالبِه الحُمْرِ
مَا إنْ سُدًى
في سُدًى
يفْرِغُ الفتْحةَ الياءَ،
والكسْرةَ الوَاوَ،
ما إنْ أَسًى،
في أَسًى،
يُفْرغُ الصّدأَ المِلْحَ
يلْعنُها مجْهَدًا
مِنْ قُشعْريرَة اللذّة المأْدُبةْ


من كتاب إبليس يعلن توبته 2017

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى