أمل الكردفاني- مهرجان الشهر الأخير- قصة قصيرة

أولئك الراقصون بفرح..ليس همجية ولكن استقبالاً للحياة. أصحاب الوجوه الجميلة، والقليل من حماقات القلوب. لا تخلو الحياة من لحن، وكما لو كان كل أهل هذه البلدة منقسمين إلى عازفين وراقصين. وعلى رأس كل شهر، يبتهجون باحتفاليات الغناء والرقص نصف العاري، وتمثال ضخم من البالون المنفوخ يرتفع راقصاً في الهواء، منقاداً بشحانة نصف نقل. تقودها سيدة ستينية، امتلكت خلاسية لونها من عشق برتغالي زنجي قديم..حين لم يكن يتوقع الجميع حضور الفرح في العالم.
من على الشرفات الخشبية القديمة، يُخرج المكدرون وعشاق النكد رؤوسهم لرؤية الحشود الراقصة، إنهم يخفون في سرهم رغبة التواضع لشرب قليل من النبيذ مع الحشد.
شوارع ضيقة معبدة بعناية تعج فيها روائح الأزهار المزروعة تحت جدران المنازل الحجرية المجانبة للشوارع. هناك من يرتدي ثوب رجل دين بالأعلى وهو عارٍ من الأسفل، وهناك رجال يرتدون ملابس نساء، وفتيات يغطين وجوههن بألوان ترسم شكل القطط على ملامحن اللطيفة، وطفلات يرتدين فساتين على ظهرها أجنحة فراشات غبية.
عازف الأكورديون في مقدمة المتحركين، يتبعه عازفون آخرون يرتدون قبعات واسعة الإطار، ومزركشة بالورود الحمراء والبنفسجية.
يتجه الحشد إلى الشاطئ، ويغوص عازف الأكورديون في البحر، ثم يتبعه الباقون ويستمر هرجهم حتى تختفي رؤوسهم تماماً من على سطح الماء. ويبقى المتكدرون النكديون يتابعون طقوس الموت الجماعي وهم يدخنون سجاراً كوبياً له رائحة تشبه رائحة المريمية.
(تمت)

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى