بوعلام دخيسي - لمن سأغني؟

لمن لم يبِعْ ظلَّهُ للظلامْ
لمن صوتُه حين دَوَّى
ولَعْلَعَ بينَ الشوارعِ
لم يُنسَ حتى وإن خالطتْ صافراتُ المدينةِ
جُلَّ العباراتِ
ليسَ مُهِماًّ بأنْ يفهموا عنكَ كلَّ الذي كنتَ تعنيهِ
لكنهم فهِموا صمتَهمْ
حين باغتـَّــهُمْ بالكلامْ.
لهمْ،
ولِمن يزرعُ الحُبَّ في حَبة القمحِ
كيْ يَجِدَ الآكلونَ غداً طَعْمها الأزليَّ
فلا يَنسِبوا لذة القمحِ للزيت والنفطِ..
يَدْرونَ كيفَ تَغارُ الرياحُ
وكيف تضيق بذكر السُّمومِ الغمامْ...
لهمْ كلهمْ أستطيعُ الغناءَ
وأعلَمُ أنِّي غريبٌ عليهِ
ولكنني مثلُ صاحبِ عودٍ
إذا رافقَ العزفَ بالصوتِ
زادَ وأشجَى
وإنْ لم يزِنْهُ استقامَ المقامْ..
أجَلْ.. هكذا يا حبيبي
فأنصِتْ إليَّ إذا جئتُ بالأغنياتِ وحيداً
وصفِّقْ
وصفقْ...
وصـ
ـفقْ...
فأُغنِيتي مِن زمانٍ أصيلٍ
ستعلمهُ بعدَ حينٍ
فخُذْها
وغنِّ كما شئتَها للذين سيأتون بَعدِي وبَعدكَ
فالحسْنُ عندَ الثقات يصيرُ تراثاً
إذا لمْ يخنهُ الرواةُ
ولا بأس إنْ ذكروا الحُسْن دونَ الأسامي
فيكفي الذي صاغه الحبُ والجمرُ فيها
ويكفي المحاسنَ حُسناً
إذا لم تَعُدْ في زمان فنون النِّخاسةِ
تشكو الزِّحامْ...
ويكفي الذين أحبوك أن يأخذوها
فحتْماً تُغنَّى
وليس مُهِماًّ إذا خالفوا اللحنَ والصوتَ...
يكفيك
ـ أن يحفظوا السرَّ
ـ أن لا يقولوا انتهينا
ـ وأن يُرضِعوا الطفلَ ماءً
ونوراً
وطينا
ـ وألا يُنادَى بهدم الخيامْ،
ـ وألا تُعزى الأيامى
ـ وألا تحطَّ يدٌ فوق رأس اليتامى
ـ وأن يعرِفوا:
أيَّ لونٍ
هُو اللونُ
تحت بياضِ السلامْ...!؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
جريدة العلم الخميس 06 يناير 2022

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى