عمر حمش - مطرٌ على المخيم

أبهجه الشعاعُ السا قط على نقعٍ، تجمّع من بعد عاصفةِ ممطرة.
كانت ليلةً أسْحَمت، حتى غرق المخيمُ في بئرٍ بلا قرار.
اهتزّ سطحُ غرفتهم بدفعِ الريحِ، ومن بين قطع القرميدِ المتحركة؛ شقّت الظلمة سيوفُ برقٍ؛ فرَقدَ أكثر، وهو يستقبل وَعيدَ الزلزلة ..
كم اشتعل الكونُ؛ وانطفأ، وكم التصق بعظام جدته التي لم تكمل حكايتها.
من بعدِ وابلٍ مدرارٍ أطال؛ جاء سكونٌ، فنورٌ؛ فقام.
تتبع من شقّ الباب صحنَ الكوخ .. كان النورُ الغامرُ، والقرميدُ المغتسلُ يدفقُ ماءه؛ ويضارب الترابَ ببقايا القطرٍ المتبقيّة ..
أبهرته اهتزازاتُ الضوءِ، وتراقُصُ بلوراتِ القطرٍ تحت الحائط.
رمق تقلّبَ السّماء، وانقشاعاتٍها، ثمّ غافل الكوخ، وفرّ؛ يهرولُ داخل الدنيا المضيئة، ويستحمُّ بالضوء.
آخرُ الزقاق في البقعةِ الوسيعة؛ كان نقعُ ماءٍ تخلّق، رآه بحرا، ورآه صحبه بحرا ..
كانوا حُفاةً .. يهرولون.
وفي لحظةٍ كمستجيبين شمّروا، وصاروا ببناطيل مكوّمة على الرُكب، وبانت صدورٌ دقيقة، وتعرّت بطون ..
نعمة كانت ترمقه، وترسلُ صيحتها ..
نعمةُ السمراءُ ذات الوجنتين المحمّرتين بالورد ..
وتعالت قهقهات ..
كانت فردتا حذائها مركبين صغيرين في البعيد، وكانت تولول، وكانوا يقهقهون ..
رمقها، فهدأتْ .. خلع قميصه، وكعابر نهرٍ خطا بجسده النحيل ..
وحين وصلهما؛ راوغاه.
لكنّه جمعهما، وعاد يخطو، وكانوا يصفقون، وكانت تضحك؛ لتبكي.
وكانت الريحُ قد أنهت مهلتها، والشمسُ خجلت، وعاد الصفيرُ مع الرجيع، وأطبق الضبابُ، ومعه أطبقت كفّ جدتِه التي جاءت تحني ظهرَها؛ لتسحبَه إلى غرفةِ كوخِهم الواطئةِ في آخر الزّقاق.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى