وفي الليلة الأولى بعد المئتين قالت: بلغني أيها الملك السعيد أنه كان في قديم الزمان ملك يسمى شهرمان صاحب عسكر وخدم وأعوان إلا أنه كبر سنه ورق عظمه لم يرزق بولد فتفكر في نفسه وحزن وقلق وشكا ذلك لبعض وزرائه وقال: إني أخاف إذا مت أن يضيع الملك لأنه ليس لي ولد يتولاه بعدي، فقال له الوزير: لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً فتوكل على الله أيها الملك وتوضأ وصل ركعتين ثم جامع زوجتك لعلك تبلغ مطلوبك، فجامع زوجته فحملت في تلك الساعة ولما كملت أشهرها وضعت ولداً ذكراً كانه البدر السافر في الليل العاكر فسماه قمر الزمان وفرح غاية الفرح وزينوا المدينة سبعة أيام ودقت الطبول وأقبلت العشائر وحملته المراضع والدايات وتربى في العز والدلال حتى صار له من العمر خمس عشر سنة وكان فائقاً في الحسن والجمال والقد والإعتدال وكان أبوه يحبه ولا يقدر أن يفارقه ليلاً ولا نهاراً فشكا الملك شهرمان لأحد وزرائه فرط محبته لولده وقال: أيها الوزير لإني خائف على ولدي قمر الزمان من طوارق الدهر والحدثان وأريد أن أزوجه في حياتي. فقال له الوزير: اعلم أيها الملك إن الزواج من مكارم الأخلاق ولا بأس إن تزوج ولدك في حياتك فعند ذلك قال الملك شهرمان: علي بولدي قمر الزمان فحضر وأطرق رأسه إلى الأرض حياء من أبيه فقال له أبوه: يا قمر الزمان اعلم أني اريد أن أزوجك وأفرح بك في حياتي، فقال له: اعلم يا أبي أنني ليس لي في الزواج وليست نفسي تميل إلى النساء لأني وجدت في مكرهن كتباً بالروايات وبكيدهن وردت الآيات وقال الشاعر:
فإن تسألوني بالنساء فإنـنـي = خبير بأحوال النسـاء طـيب
إذا شاب رأس المرء وقل ماله = فليس له في ودهن نصـيب
و لما فرغ من شعره قال: يا أبي إن الزواج شيء لا أفعله أبداً، فلما سمع السلطان شهرمان من ولده هذا الكلام اغتم غماً شديداً إلى عدم مطاوعة ولده قمر الزمان له. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
.
Jean-François Portaels
(1818-1895)
فإن تسألوني بالنساء فإنـنـي = خبير بأحوال النسـاء طـيب
إذا شاب رأس المرء وقل ماله = فليس له في ودهن نصـيب
و لما فرغ من شعره قال: يا أبي إن الزواج شيء لا أفعله أبداً، فلما سمع السلطان شهرمان من ولده هذا الكلام اغتم غماً شديداً إلى عدم مطاوعة ولده قمر الزمان له. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.
.
Jean-François Portaels
(1818-1895)