قصة ايروتيكة سفيان بن جاب الله - في ميثولوجيا الشبق

إنّه ذلك الإحساس بالأسر , قالت و هي تخاطب جسده الواقف على بعد خطوات منها

أحسّ أنّي أسيرة لهذا الليل الذي إستدرجني كي أسقط شهيدة لأمواج الرغبة الهائجة في داخلي , و إذ بي كزبد البحر ينتظر إنكساره على الشاطئ ..

شاطئ الرغبة , النشوة , العشق , و كلّ الثنايا في ميثيولوجيا الشبق

و لكن أيّ شاطئ ! شاطئك أنت !

يا رجلاً جعلني بجنونه أنسى كلّ ذكريات العقل و أدخل عالما جديدا لم أستطع فكّ معادلته المعقّدة!

رجل جعلني أعشقه حتّى الثمالة , و لا أستحي أن أعانق كأس خمره و أقبّلها و أنشد الموت في غياهب قطراتها

رجل و لا كلّ الرجال , غريب الأطوار , مجنون , ثائر حتّى على نفسه , يحارب الملوك و الجبابرة و يبكي كالطفل عند رؤيته لعصفور جريح

رجل أذوب في سواد عينيه العسليتين , أحسّ بأنّي تائهة عندما تلامس أناملي لحيته الكثيفة , و أشعر بإنتفاضة عارمة في ثنايا غريزتي, عندما أتأمّل جمال شفتيه و عندما تنغرس أصابعي في شعره الأسود الطويل

رجل أعشق فيه ذكائه المثير , تفكيره العميق , إيديولوجيته , مواقفه , حبر كلماته و أشعاره و رواياته..

رفعت رأسها كي تشاهد ردّة فعله بعد سماع إعترافاتها , فتفاجآت به واقفا أمام المرآة , عاريا تماما , يدخّن سيجارته و يتأمّل المرآة و كأنّه يراقب البحر …

لم يكن يعيرها أيّ إنتباه..

لقد بدا لها و كأنه شارد الذهن أو كأنه ينتظر نزول وحي من مكان ما

لقد تعرّى من كلّ ما كان يرتديه و كان منسجما مع كيانه المرتسم في زجاج المرآة

كان يخاطب خياله اللا متناهي… و فجأة ,أدار رأسه نحوها بكلّ لين , إبتسم , نظر إليها بكلّ غموض ثمّ قال :

لو لم يولد الخيال, لا أصبح رحِمُ الإبداع عقيمًا …

لو لم يكن في داخلي تلك الفسحة من الجنون ! لا كان وجودي عاقرًا!

هذا أنا , إنسان أتجلّى من عمق التأمّل و ثنايا الفكر و الذاكرة

أنا ذاتُ تبحث عن برجها العاجيّ , عن ملاذها الأبديّ , عن المنفى الأخير …

أنا لست ذكرًا , أنا لست رجلاً , أنا هو هذا الإنسان , أنا هذا الكيان الذي يرفض الإنتماء , لا تعشقيني بعيونهم , بل أحبّيني كما أنا و سأعشق كلّ ما أنت عليه

و هكذا سوف نرى جمال ليلتنا في جمال حقيقتنا ,و بعيدا عن البناء المجتمعيّ المقرف , بعيدا عن تعاليمهم و قيمهم البائدة

كانت تستمع لكلماته التّي كانت تنزل بردا و سلامًا على نار رغبتها المتقدّة و التّي تزيد إشتعالا كلّما لامس صوته المثير مسامعها المرهفة

كانت جالسة بكلّ هدوء على حافّة السرير , في ثوبها المخمليّ الأسود المثير الذّي جعل جغرافيا جسدها تعلن ثورة إغراء تسقط كلّ دكتاتوريات البرود و التجاهل الذكورية و تجعل “نرسيس ” ذلك الذكر الأسطوريّ المغرور يتناسى جماله و يسقط مغشيّا عليه من فرط أنوثتها و جمالها

أمّا هو فكأنّه في تلك الليلة كان ضريرا أو أصابه عمى الألوان أو بالأحرى عمى الجمال و الإثارة

لكنّها كانت تفقه جيّدا أسباب حالته تلك ! إنّها تفهمه جيّدا , إنّه ذلك العاشق الذّي يجد نفسه في ليلة عشق في ظلّ القمر , مع فتاة جميلة يعشق كلّ تفاصيلها …

مع أنثى أحبّها …و عندما إمتلكها و وجدها على سريره مثيرة كعادتها جميلة كسالف عهده بها ,عاشقة راغبة منتظرة,لم يستطع إستيعاب الموقف

بل و شعر بكلّ غرور الدنيا يملأه و يجعله سعيدا لحدّ الجنون …إنّه هو مجنون كعادته لا تستطيع أيّ أنثى توقّع ردّة فعله لأنه مختلف عن بقيّة الرجال

إنّه ذلك الذكر العاشق …الواقف عاريا أمام المرآة و في حضرة عشيقته الساحرة

إنه الرجل الذّي إكتشف فحولته في المرآة فسقط صريعا لنرجسيته

الذي أحسّ بجمال عينيه فتلذّذ سحر نظراته في ثنايا أحاسيس حبيبته الجالسة على سريره

الذّي فهِمَ أنّ ذكائه سخَّر كلّ المكنونات لتنصاع لرغبته في الجنون

هو ذلك الرجل ….الذّي أحبّ نفسه و ضاع في غياهب الحبّ

في تلك الليلة , و بعد قصّة مراودة طويلة دامت لأشهر بينهما , تجدهما عاشقين غريبي الأطوار واقفان على عتبة اللذّة يتلذّذان شغف الإنتظار

هو أيضا كان يتقّد رغبة و شوقا لإحتلال جسدها و جعل كلّ جزء فيه ينطق بموسيقى النشوة…..

نشوة دون نشاز , حبّ دون مقدّمات , عشق جنونيّ يثير فيه قشعريرة الذوبان في لذّة الجسد

هي العاشقة الصغيرة , أباحت له مسبقا كلّ ما يريد , لكنه لم يأخذ شيئا بل لا يزال تائها في صدمة الغرور

إنه أمام مرآته يشعر بأنّه نرجسي ! لا يدخل أرضا إلاّ بعد إحتلالها , و لا يدخلها إن تمّ إعلان السّلام

ساديّ يتلذّذ آلام شغفها و رغبتها و يراقب بكلّ برود إنهيارها المثير

….

و لكن كلّ ذلك كان أدفاقا من أحاسيس غريبة سرعان ما رحلت دون عودة !!

فقط عندما وقفت تلك الأنثى الساحرة بكلّ هدوء, و أخذت خطواتها كلّ ما يلزم من غموض كي تجد نفسها وراء جسده العاري الواقف أمام المرآة

جعلت ذراعيها تحتضنان خاصرته بكلٌ رقّة , تركت جسدها يحضن جذعه بكلّ حنان,سمحت لرأسها بأن ينغرس بكلّ شوق في ثنايا ظهره و ترسم قبلة على مؤخرة عنقه لتجعله يفهم أنّ الوقت حان لبداية الحياة و لا داعٍ لإطالة الهدنة المملّة بين جسدين ينتظران إطلاق نفير النشوة ..

تأمّل إقتراب جسدها في المرآة , و هي تقف وراءه و تجعل جسدها يلتحم بجذعه..

أحسّ بإرتجافة قويّة عندما لامست شفتاها رقبته في المرّة الأولى , و أحسّ بإرتعاشة عنيفة عندما تمادت شفتاها في لثم ثنايا رقبته….

و في ذلك الحين الذي أحسّ بنتوءة ثدييها الذان يلامسان جسده الذي تحتضنه بكلّ قوّة و يداها اللتّان إنغمستا في إحتضان خاصرته ثمّ ملامسة كلّ شبر من صدره و كأنها تفرش بيديها رداءا من الحرير على سرير مخمليّ

لم يكن منه إلاّ أن أمسك يديها بشدّة ثمّ إستدار بكلّ جسده نحوها , نظر في عينيها بكلّ غموض ثمّ إحتضن جسدها , شدّها نحوه بكلّ قوّة , و حاصر خصرها بكلّ حماس ..

أحسّ برغبة متقدّة تنتفض في أواصره عندما لامس جسده حدود جسدها المثير , فلم يستطع إلاّ أن يدفع رأسه نحو شفتيها بكلّ بطء , أحسّ بدقّات قلبها تتسارع و بأنفاسها تنحبس عندما أدركت شفتاه حدود ثغرها الباسم

هنا أضمرت بكلّ جرأة ,عبر تململ شفتيها الجميلتين, عن رغبتها في الذوبان داخل القبلة المنتظرة , فلم يكن منه إلاّ أن أمر شفتيه بأن تحاصرا شفتها العليا و تأسرانها بكلّ حنان ليعلن بداية القبلة المقدّسة

و ليندفعا دون قيود ليتحرّوا من بوادر الكبت و يجعلا منه عشقا و جنونا و يجعلا من جسديهما نبراسا ينير ظلمة قلبين نالت منهما عتمة الوحدة

ليجعلا من جسديهما, على ذلك السرير المخمليّ , لوحة فنيّة ترسم ثورة على ميثيولوجيا الشبق..

فتلك القبلة غيّرت مجرى التاريخ و أعادت ترتيب كلّ فوضى القدر

القبلة الأولى التّي أعلنت بدايية الإنبعاث لجسدين نالت منها ليالي الإقطاع في فيافي الوحدة القاحلة

و إذ بليلة عشق ممطرة تبدأ ..لتروي جفاف الجسد و تنير سرمدية الروح في ليلة شتاء طويلة تمّ فيها إعلان ليلة حبّ …

.




- عنموقع انتلجنسيا


.

صورة مفقودة

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى