قصة ايروتيكة سفيان بن جاب الله - سَلاَمٌ هِيَ حتّى مَطْلَعِ الفَجْرِ

الجزء الأوّل:
في ليلةٍ تعانق بسرمديّتها ضياء القمر , اكتشفت أنّ جارتنا الجميلة لا تنام , هي تسهر في شرفتها حتّى مطلع الفجر مدخِّنةً سيجارة الأرق . حينما ينام الجميع في هذا الحيّ المقيت اجدها جالسة هناك في علياءها تمارس الملل ليلا.

لحظة مروري في الشارع الذي يحاذي منزلها,شعرت برغبة قويّة في ان ارفع رأسي نحوها , عندما ادركت عينيها وجدتهما تراقبانني بغموض ,و ما ان ادرت وجهي بعيدا حتّى سمعتها تلقي عليّ التحية .

رددت التحية و ابتسمت ذاهبا , و في خطوتي الاولى ,انصتُّ لصوتها و هي تغنّي اغنية ” la vie en rose” و كان صوتها جميلا الى حدّ اني شعرت بضُعف اجبرني على الجلوس في اخر النهج المظلم الذي تطل عليه شرفتها.
جلست كبحّارٍ أضاع بوصلته في وسط المحيط , التهب شبقًا كقطٍّ ينتظر قطّته فوق سياجٍ عالي البناء , و أذوب فنًّا في ثنايا الاثير الذي تخلقه شفتاها .
كانت تستفزّني و كأنها تعلم انّي ذكر خجول غير قادر على التوجه نحوها . كانت تعلم انها يجب ان تكون جريئة جدا في اصطيادي نظرا لنرجسية الغباء في دماغي الصغير ..
في ظلّ هذا المشهد الساديّ البارد اجدني اهذي متسائلا : ”هل اقف امام شرفتها كالمحارب الاسبرطي مواجها موته بشجاعة ؟ ام اعلن استسلامي و انتظر دعوتها لي كي اسير على الدرجات التي تؤدي اليها ؟ ام اهرب بعيدا محافظا على عذرية هذه الليلة الملعونة ؟ ”
يٌتبعْ..

الجزء الثاني :
لازلت جالسا في ذاك الركن المظلم في اخر الحيّ، أمامي هناك جارتي الجميلة ,جالسة في علياء شُرفتها,تواصل تعسّفها المثير على انطولوجيا خجلي الذكوري ، و على جانب الطريق قطّ أحمر يرمقني بنظرة استهزاء ! و كأنه يحتقرني لانني لم استجب لنداء الشبق الذي ارسلته حنجرة جارتي و هي تغنّي لي ” la vie en rose” .
اعتقد اني بالغت في نرجسية الغباء الذي يسكنني !, كيف لي ان ارفض اغراء امرأة مثلها , هذه المرأة ذات الخمسة و الثلاثين ربيعا . الوحيدة بين جدرانها , الجميلة امام مرآتهاو التي تداعب سيجارتها بين أناملها منتظرة رجلاً يأسر ليلها الرتيب فتجعله شهريارها الشهيد و تكون هي شهرزاد الليلة القمرية !
أعتقد أني ساغادر هذا الركن , ساغلق هذا الايفون الحقير , ساذهب نحوها مبتسما و ساعبر هذا الباب الذي تركتْه مفتوحا كاشارة منها لقدسية العبور ..
ما ان وصلت الى الباب, حتى وجدتها تبتسم من شرفتها و هي تغني ” هالاسمر اللون ” !, كانها تغني كلماتٍ كتبت عن انعكاس صورتي في الماء ! بل و اللات و العزّة انها تخاطبني بكل صفاقة رومنسية و بكل تمرد على حياء الشرقيات !
في تلك الوهلة فقط استفقت من هذياني المرَضيّْ ! و وجدتني أناجي الرجل المغامر الذي يسكنني :
“ما هذا بحق الالهة ! ذاك القط الاحمر محقّ ! انا احمق ان لازلت غير متأكد من ان هذه الانثى تنتظرني كما لم تنتظر رجلا من قبل ! ساصعد اليها و ان كان هذا اخر اسراءٍ لي في هذه الحياة ..”
يٌتبع….

الجزء الثالث
اقف في المنتهى الفريد ، هناك تماما على عتبة منزلها , هي في علياء شرفتها تبتسم بكل غموض ، تتكئ على حافّة الشرفة ترمقني بنظرات مثيرة و تواصل الغناء بصوت خافت . لكنّها الان غيّرت الاغنية ، صارت ترتّل اغنية ” لما بدا يتثنى ” / كلماتها و الحانها صارت اشبه بكاماسوترا فنيّة تجمع بيني و بينها حتّى قبل التقاء جسدينا ..
فجأة ، سمعتُ صوت رنين كهربائي ، لقد فتحتْ الباب السفلي ، و وجدتني بحركة لا شعورية ادفع الباب و اخطو طريقي مقتفيا درجات السلم وصولا الى الشرفة ..
أجدني واقفا أمامها , كجلمودٍ قذفه السيل , كنيزكٍ طردته السّماء , و لبثت كذلك جامدا تائها أرسم ابتسامة تلقي تحية غامضة على العدمِ و كانّي اخاطبها قائلا ؛
“يا جارة ! آ تصدقين اني هنا مستجيب لشعوذتك الليلية ! يا شهرزاد الليل الحزين ؛ ما الذي يدفعك لمغازلة معتوه مثلي ؟ ”
بينما كنت اهذي في سرّي كانت هي تراقبني بكلّ جرأة , نظراتها لا تبتعد عن مدى عيناي ,و شفتاها تتحاوران ببطء مع اسنانها في اغراء كلاسيكي جعلني اسلّم بكوني احيا على مشارف حرب عالمية ثالثة ..
ابتسمتْ بعد ان انهت طقوسها الانثوية و دعتني للجلوس بايماءة من راسها و حركة من يدها / كان هناك كرسيان و طاولة صغيرة / زجاجة نبيذ و علبة سجائر فرنسية / جلسَتْ و وضعت ساقا على ساق و تناولت سيجارتها ثم قالت ؛ هل اواصل الغناء ؟
ابتسمتُ بطريقة توحي على استسلام دون قد أو شرط ! و بحركة من يدي دعوتها لمواصلة ترتيل ما تيسّر من تعاليم الموسيقى كأنّي أقول لها : “أنشدي يا ملاكي ! ارحمي عزيز قومٍ ذّلّْ ! ”
اخذت في القاء اغنية ” strangers in the night ” مبتسمة كطفلة صغيرة ,و هي تمسك بكرسيّها ، تحرِّكه بلطفٍ لتقترب نحوي ببطءٍ شديدْْ..

تهتُ قليلا في اللامكان ! و انا اتأمّل كل هذا المجاز الذي يستعير الخيال ليحوّله الى حقيقة مجنونة في هذه الليلة !
سهوت و انا اتأمّل هذه الامرأة , ذات الخمسة و الثلاثين ربيعا ; حمراء الشعر ، ذات العينين السوداوتين و البشرة البيضاء التي تعانق جسدا صغير الحجم مثير المعالم ، جسد تغطيه بتبّانٍ ازرق قصير و قميص ابيض يعلن انتماءه لنهدين ثائرين على تعاليم الزمان و المكان ..
اتأمل كل هذا و انا انصت لجمال صوتها و لكنتها الانجليزية , وجدتني اندفع ببطء نحوها لاجعل اناملي تعيد احدى خصلات شعرها المتمايلة على عينها اليسرى و كانها تلقي التحيّة على وجه ذو جمال الاهي , و لأنغمس بكلّ جوارحي في طقوس الغزلِ المجهولِ انثروبولوجيًّا ! غزلٌ نرجسيّ أمارسه و كأنّي فاعلٌ شبحٌ في جملة فعليّة يكون المفعول به غير مدركٍ لفعل الغزل الذي يخلقه ضميري المستترْ ..
ما هي إلاّ بضع لحظات و انتهت من الغناء , دعتني الى كأس نبيذ فابتسمت موافقا , سكبتْ لنا كأسين من النبيذ ثم قرعنا الزجاج لصحّة القمر الذي يراقبنا .
على وقع الصدى الذي أصدره قرع الكؤوس , واصلتْ الاقتراب منّي بكل جرأة و غموض, امّا انا اجدني لا اقوى الاّ على الابتسام كالابله الذي ضاع في متاهة عينيها الجميلتين..
يٌتبع ..

**

سَلاَمٌ هِيَ حتّى مَطْلَعِ الفَجْرِ حكاية تتراوح بين خيالٍ واقعيّْ و واقعٍ خياليّ لترسم جدلا أكتبه في أجزاء متتابعة ..

كنت توقّفت عن كتابتها في الجزء الثالث منذ شهرين , و سأستأنف كتابتها منذ اليوم
هذه ثلاثة أجزاء كتبتها في أول أيّام شهر جويلية , و سأنهي الجزء الرابع حين يسمح لي الإلهام بذلك


- سفيان بن جاب الله


.


صورة مفقودة

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى