محمد مزيد - "شدهان" يبحث عن زوجته.. قصة قصيرة

أستيقظ " شدهان " من النوم صباحا، فلم يجد زوجته نائمة بجانبه، غادر السرير بحثاً عنها في المطبخ، فلم يجدها فيه، ذهب الى الصالة، لا اثر لها، اتجه الى الحمام، رأى مصباحه مطفأ فتح الباب، كان فارغا ايضا.. اتجه الى الصالة ثانية، نظر عبر النافذة الى الشارع، فكر: ربما ذهبت تشتري الصمون ، انتظرها بحدود ساعة جالسا على الاريكة ، لم تأت ، اصابه الهلع ، اين ذهبت ؟ عاد الى نافذة الصالة ، وجد الشارع فارغا ، لا اثر للناس فيه ولا اثر لحركة المارة والحياة ، السيارات واقفة عند الرصيف ، وليس هناك باصات تسير في الشارع ، ظل يدور في أنحاء الشقة بحثا عنها دون فائدة ، أطل من شرفة شفتهم في الطابق الأول، ليس هناك من اثر لحركة الحياة ، اليوم هو الاثنين وليس يوم عطلة الأحد حيث ينام الناس إلى وقت متأخر.. اين ذهبت يا ترى ؟!
خرج من الشقة ، أغلق بابها خلفه ، خشية من كلب جارته الشقراء، الذي يدخل شقتهم بدون حياء ولا خوف، كلما وجد الباب مفتوحا ، نزل السلم ، فتح باب العمارة، نظر الى الشارع ، وجد المنظر نفسه الذي شاهده من الشرفة ، غياب تام للبشر ولحركة السيارات والدراجات النارية ، ذهب الى فرن الصمون ، وجده مفتوحا، لا احد يشتري وليس هناك من العمال الذين يبيعون او يخبزون او يصنعون العجينة ويلقون بها داخل الفرن الموقد ، غير ان الصمون كان متوفرا بكثرة في مكان خزنه ، أخذ صمونه ، قضم منها قضمة واحدة ، فتح ريقه ، غادر الفرن ، اتجه الى محل العطار، وجده مفتوحا، دون ان يرى البائع يقف خلف المعرض ، يحتاج الى سيجارة لكي يفتح شهيته على الحياة ، اخذ علبة بردنيس التي يبيعها العطار له بعشرين ليرة، استل واحدة ، أخذ قداحة مرمية على زجاج المعرض ، اشعلها ، ثم خرج من المحل ، لا يعرف الى اين يتجه ، فكر : ليس هناك افضل من ابلاغ الشرطة بفقدان زوجته ، ذهب الى مركز الشرطة القريب من مجمع العمارات في منطقتهم ، سار سريعا بخطوات واسعة ، ينفث دخان سيجارته بسرعة خطواته، ولما وصل الى البناية ، يقف عند بابها شرطي ، ينظر الى اللاشيء ، ساهما مفكرا ، أخبره بانه يريد الإبلاغ ، ولم يدعه الشرطة يكمل عبارته، قال له هذا ليس مركزا للشرطة ، هذه بناية البلدية، وأشار الى بناية أخرى، تلك هي بناية الشرطة ، ضرب "شدهان" جبهته براحته وابتسم بمرارة الى الشرطي ، ثم اتجه الى البناية الأخرى ، يقف عند بابها شرطيان يتضاحكان، ولما أقبل عليهما توقفا عن الضحك ، فاخبرهما انه بصدد تقديم شكوى الى الضابط ، سار أحدهما أمامه داخل البناية، وبعد خطوات أشار الى له بالدخول الى غرفة الضابط، الذي كان يتضاحك أيضا وهو يتحدث بالموبايل ، نظر اليه الضابط، اغلق تلفونه وسأله عن مضمون شكواه ، فأخبره كيف استيقظ من النوم ولم يجد زوجته بجانبه ، استغرق الضابط بالضحك وقال له " كانت هنا امرأة تبحث عن زوجها المفقود ، لعلها هي من تبحث عنها " خرجت قبل قليل ، عليك اللحاق بها ..
خرج من مركز الشرطة، سار بخطوات سريعة يبحث بين العمارات السكنية عن اثر تلك المرأة التي تبحث عن زوجها المفقود ، وفي نهاية أحد الشوارع لمح امرأة ترتدي تراكسود ابيض ، هرول إليها ، ولما وصل منها قبل خطوات ، تأكد ان المرأة هي نفسها زوجته بهذه المؤخرة التي يعرفها جيدا، تتلوى مرحة سعيدة بها ، سار بجانبها ، ونظر الى وجهها الضاحك، هاله ما رأى من تورد وجهها الابيض وابتسامتها الجميلة ، " اين كنت ؟ " استغربت المرأة من سؤاله " أتقصدني ؟ّ!" حاول أن يتدارك خجله، عبر عنه بحركات عبثية " أنا آسف كنت اتصورك زوجتي " لاحظت انه يسير بالبيجاما حافي القدمين، قالت له " انا أيضا أبحث عن زوجي، استيقظت من النوم فلم اجده بجانبي !". سارا معا، أخذ يداعبها بكلمات لا معنى لها لتخفيف توتره النفسي، كانا يسيران باتجاه العمارة التي يسكنها، ولما وصلا الى أحدى العمارات، قالت له " هنا أسكن " فقال لها " وأنا أسكن هنا أيضا ".. صعدا السلم الى الطابق الأول، اتجهت المرأة قبله إلى باب الشقة، فتحته، نظرت إليه نظرة فيها ما فيها من الغنج والاغواء، انا هنا اسكن، فقال لها وانا أيضا، دخلت الى الشقة، وذهبت فورا الى غرفة نومها، خلعت التراكسود ، كان يتبعها ، قالت له وهي تشير الى السرير "هنا انام وزوجي ينام بذلك الجانب" فنامت على بطنها ، خلع هو البيجاما مثلما فعلت ونام بجانبها ، امتدت يده الى جسدها ، وهي مدت يدها الى شعر صدره ، وقال لها " كم تشبهين زوجتي ؟ " فقالت له ضاحكة " وانت كم تشبه زوجي ؟ ".

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى