محمد محمود غدية - القطار

يتطلع من شباك القطار، تمنى لو كان نجم يسبح فى الفضاء، بعيدا عن الأرض التى لم يجد فيها من يطفئ سعير قلبه، إعتاد قطع الوقت بالقراءة، التى يحبها أثناء سفره الطويل بالقطار، ثلاثينى يعمل فى شركة إتصالات بالقاهرة، أنيق الملبس حلو الحديث،
شغلت المقعد المواجه له، فتاة فى مثل عمره إلا قليلا، وجهها فى نضارة الفاكهة الطازجة، فشل فى أن يتفادى النظر إليها، بعد أن تحولت حروف الكتاب الذى يقرأ فيه، من العربية إلى لغة لا تقرأ،
ماذا لو رطب قلبه المشوق للحب، كلمات دارت فى حلقه وتحجرت فى فمه، خيوط الشمس الحارقة التى تسللت من النافذة، لم تفلح فى إذابة الثلج من صدره،
مازال فى قلبه وجع قديم، وجدها تتأمل شروده وإنصرافه عن قراءة الكتاب الذى فى يده، فقد إعتاد القراءة، تذكية للوقت،
ومن بين إبتسامة خفيفة
سألته : هل مازالت القاهرة بعيدة ؟ عرف منها أنها فى زيارة خالها،
وكيف أنها إرتاحت لمحدثها بالقطار، وأضافت أن سفرها مفاجئ بعد فشل زواجها، لاتستطيع العودة لأسرتها، لأنها من إختارت دون رغبة أسرتها، والحمد لله أن زواجها لم يثمر عن أولاد،
وإلا كانت الكارثة أفدح، حدثها عن وجعه العاطفى فى سنوات الجامعة،
وأن كلاهما إختار الشخص الخطأ فتعذب، إرتاح كل منهما للآخر، وكأن الأقدار هى من رتبت لهذا اللقاء،
رسما معا افراح الغد، عوضا عن الآلام التى عاشاها، سجل فى الكتاب رقم هاتفها والعنوان، كم كانت رقيقة وطيبة وطيعة، لم يتركها حتى ركبت المترو الذى يقلها إلى خالها، مودعا شاكرا لقاءهما الجميل،
فى غيابها إكتشف أنه نسى الكتاب فى القطار، وبه رقم هاتفها والعنوان .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى