محمد السلاموني - المرأة التى لازالت تعبر المَمَر الطويل.. قصة قصيرة

وضع نفسه على المائدة، وراح يتأملها طويلا...
كان يتساءل عن ذلك الشئ الذى انكسر بداخله .
أيام، وأيام مضت، وهو يفعل نفس الشئ، هو نفسه... اليوم خطر له أن يُهَشِّمها ويحولها إلى قطع صغيرة جدا، ليتفَحَّصها جيدا، عسى أن...
بعد عناء، انفصلت قطعة صغيرة من ضحك قديم، عدَّها نُكتَة قالها أحدهم لازالت عالقة لسبب ما، ثم انفصلت قطعة أخرى أكبر قليلا لإمرأة تعبر ممرا طويلا...
وضع تلك القِطَع جانبا، ونظر إلى القِطعة الجديدة التى سقطت برجال ما أن يصعدوا حتى يهبطوا سريعا على دَرَج زلق، مد يده ليمسح الدَّرَج، فتلطخت بالدماء... هى دمائى التى أعرفها... نعم...؟!.
القِطع الأخرى التى تناثرت على المائدة كانت تتقافز كأسماك مختلفة الأحجام، غير أنه أحسَّ بألم صاخب، فخطر له أنها تأكل بعضها بعضا وبقسوة... فى قِطعة هائلة لبيت يتهاوى رأى أحدهم عالقا بنافذة مرتفعة تحطَّمت قبل أن يقفز... ظل ينظر إليه ليرى ما يمكن أن يحدث لرجل عالق بنافذة مرتفعة تحطَّمت قبل أن يقفز!...
قطعة صغيرة أخرى من أغنية تناثرت إلى قِطع أصغر حجما، تحولت إلى موسيقى من غبار كثيف... حتى أنه اختنق وظل يسعل...
جلس على المقعد المقابل للمائدة، وأعاد النظر إلى القِطَع التى أمامه، وفيما انتهى الرجال الأسماك من التهام بعضهم، انفجر الرجل الأخير...
غير أنه حين حدَّق جيدا، إنتبه إلى أن الرجال الأسماك عادوا للصعود والهبوط على الدَّرَج الزَّلِق- بينما جدران البيت لازالت تتهاوى بقوة فى غبار كثيف، أما المرأة- تلك المرأة- فلازالت تعبر الممر الطويل، وتغنى...
  • Like
التفاعلات: خالد الشاذلي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى