محمد محمود غدية - الخروج من الحلم

كل صباح تمشط الليل الناعس بشعرها، تغوص أصابعها لمنابت شعرها المندى بعبير الورد، وتحزم حقائب السفر وأغراض الطفلة التى كبرت، وشعرها المسافر فى كل الدنيا، وثوبها الأصفى من زرقة البحر، تمتطى الحلم الجميل وهى ترى مهجة القلب، تكتب رواية العمر برطوبة قلب صغير، تتخذ من السحاب دار ومن الشمس ضياء، الكتابة تزحزحها بعيدا عن الهم لبعض الوقت، تعلم أنها إثم عظيم، ألا يكفى أن قلم الكتابة يغوص فى محبرة القلب، لها بضعة مؤلفات ، أضرمت فى سماء الأدب حرائق لا تنطفئ، وسجالات لا تنتهى،
الصغيرة تسكب حبر الدواة على أوراق الكتابة، تعيد الأم كتابة ماأتلفته الطفلة دون تذمر أو غضب،
الإبنة جنين ولد من رحم الشتاء، الشمس تشرق من شقائق خدها،
لا تستيقظ إلا على رائحتها العالقة بوسادتها تتعطر بأنفاسها،
تقوم بدور الأم والأب الذى إختطفه الموت،
زحام وضوضاء مابين مسافر وقادم يتبادلون التلويح بالأيدى حتى آخر الرؤيا، تغادر الآن المطار ومازال القلب والعقل فى عراك لا يهدأ ولا يستكين، الكلمات الرقيقة، صارت حادة حدة الأيام، وقاسية قسوة الزمن، حزينة جدا ومؤلمة جدا يلجأ إليها الكاتب
ليتحقق للنص مسعاه نحو الخير والجمال، لقد فازت روايتها بجائزة البوكر العربية، تسلمت بين لفيف من الأدباء وتصفيق الحضور وأضواء
الكاميرات الجائزة التى حلمت بها
ستشترى السيارة وشقة فى مكان راقى أخيرا تحقق الحلم، ستكتب عنها الصحف وتصبح ضيفة فى كل البرامج التليفزيونية، عليها من الآن إختيار وكيل لأعمالها ينسق اللقاءات والدعوات، كان فى إستقبالها عند عودتها فى المطار لفيف من الأدباء والنقاد وأصحاب دور النشر وكاميرات التلفاز المصرية والعربية والصحافة، وجمهور المثقفين بباقات الورد، إستيقظت على صوت إبنتها وهى تنبهها لميعاد تناولها الدواء، تصرخ فى وجه الإبنة :
لماذا أخرجتينى من الحلم ؟

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى