محمد محمود غدية - للحكاية بقية

اليوم جميل، رائحة الهواء فيه طازجة، كل شئ مجللا باللون الأخضر، حتى أنه بدا من المستحيل ألا يستمتع المرء به، الشوارع نظيفة ولا معة، إبتسم حين وجد نفسه هو الآخر لامع ومبلل بماء المطر،
إنعكست عليه أضواء المصابيح فبدا كلوحة فنية تشكيلية، هناك عوالم من البهجة لا يدركها المرء، مغلقة أمام الحواس الخمس، القليل فقط من يستمتع بها، إذا كان يحمل قلبا طيبا، يتسع على صغر حجمه للجميع،
ألا تدهشنا الفراشات الملونة بجمالها رغم صغر حجمها، الأشياء العظيمة لا تقاس بحجمها ووزنها بل بتأثيرها،
له بضع محاولات فى كتابة الشعر،
يرى أن الأدب يرقق المشاعر ويهذب الألفاظ، القطار لم يكن مزدحما، الطلبة فى أجازة نصف السنة، جلست جواره فتاة طويلة القامة، ذات وجه أصفى من الحليب، عيناها تلمعان بسحر آخاذ وسحابة من قلق آسيان تطوف بوجهها، اخرجت من حقيبتها رواية تجول بين سطورها وكأنها تهم بأكلها، يبدو أنها رواية حزينة أشبه بروايات كافكا شديدة الإرتباك والطلاسم، بدا هذا من تجهم وجهها، إستطاع فى عجالة قراءة العنوان، طقوس الظلام لكولن ولسون إنها رواية ضبابية،
قال : تقرأين لكاتب صادم،
أجابته : نعم لكنه صادق، رواياته مقلقة، لكنها تجعلك منتبها لكل مايدور حولك، على هذا الكوكب المجنون، تكتب القصة القصيرة وتعمل فى إحدى شركات الإتصالات، عاشت تجربة زواج فاشلة، زواج صالونات دون حب، أسمعها بعض قصائده التى تفيض حب لم يعشه قط، قرأ بعض قصصها فى أجندة لا تفارق حقيبتها، إنه أمام روح موشكة على الغروب، صافرات القطار تعلن عن محطات الوصول، لوحت بيدها مودعة وهى تغادر القطار، لقد نسيت أجندة القصص وبه الإسم والهاتف والعنوان، أو تعمدت تركها ليواصل معها الكلام الذى لم يقله، بينهما حكايات لم تنته بعد، ثمة كلمات إستوقفته فى قصصها أقدس من حدائق الورد، لماذا يعطى الإنسان أعظم مافيه لحظة أن يذهب ؟
إنها المصائر وحدها التى تكتبنا وتضع نهاية الحكايات .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى