محمد محمود غدي - تداعيات موت مفاجىء

داهمته الهموم، بعد وفاة والده المفاجىء، حول أوراقه الجامعية من إنتظام إلى إنتساب، وعمل فى إحدى الورش، التى تعمل فى صيانة وضبط إطارات السيارات، بعد أن أصبح مسئولا عن الصرف على أمه المريضة وأخوته الصغار، توقفت أمام الورشة سيارة، تقودها فتاة فى ربيع العمر، خطفته عيناها وحاصرته وهيئته لما تريد، سألته عن مكان قريب تبتاع منه زجاجة مياه، إستأذنها للحظات، عاد بعدها بزجاجة المياه، كانت عطشى، إستمتع بمراقبتهاوالماء ينساب فى شفتيها، كاللؤلؤ المنثور فى إناء من البللور،
تمتم بكلمات مبهمة، حين يسرى يمرى، أوضح لها المقصد من قوله، شكرته من بين إبتسامتها، لمحت على الكرسى كتاب حقوقى، عرفت منه أنه يدرس الحقوق مثلها،
شكرته حين رفض أن يأخذ منها ثمن زجاجة المياه المعدنيه، تبادلا أرقام الهاتف وانصرفت، إسيقظ فى المساء على رنين هاتفه، إنه رقمها متسائلا : هل يمكن للمطر أن يتساقط فى الربيع، عكس قوانين الطبيعة، صوتها شديد الخصوصية، يحمل نفس ملامحها الجميلة، بعدها إستسلم لمناوشات الأحلام التى أمسكت به فى ترطيب قسوة الحياة، ولأن للأقدار رأيا آخر، فى ترتيب أمورنا فى كثير من الأحيان، إشتد المرض بوالدته شريان حياته، على الفور نقلها ألى إحدى المستشفيات العامة، كتبوا له روشتة بالحقن والأدوية، المطلوب شراءها من خارج المستشفى، عاد بالأدوية ليجد والدته وقد إشتد بها الألم، جرى فى أروقة المستشفى بحثا عن الطبيب، الذى وجده يحتسى قهوته فى تلذذ ويقرأ فى الجريدة، صرخ فى وجهه أمى بتموت يادكتور، أستحلفك بكل غال لديك، سرعة إنقاذ أمى، الطبيب لا يرق جانبه ولا يتأثر، خطف الجريدة من بين يديه، أمى بتموت وأنت تقرأ فى الجريدة، إستنجد الطبيب بالأمن الذى صحب الإبن إلى قسم الشرطة، بعد أن إتهمه الطبيب بالإعتداء عليه أثناء تأدية عمله، وشهد الممرضون بصحة الإعتداء خلاف للحقيقة، ومجاملة للطبيب،
- فى محبسه تلقى خبر وفاة والدته، بعد يوم وليلة، فتح الحارس الباب، ليجد الطعام كما هو لم يتناوله، مكوما كالجنين فى بطن أمه، حاول الحارس أن ينهضه للمثول أمام النيابة، فلم يستجب .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى