السعيد عبدالغني - مختارات من ديوان "الطواسين المعاصرة"

طاسين التساؤل:

لو نطقت بلقائك لانتفى السامع

ولو نطقت بصمتك لانطفأت ،

أيهما أنت ؟

أنا أم أنت ؟

إن أبديت سخطا عليك لكنت أقرب إليك منك

وإن وصفتك لاعترفت ببعدك

هل خلقتنى أم خلقتك ؟

لا تخاطبنى إلا كصلاة البين بينى وبينك

البين ذاته يصلي لى ولك

هيا تعال من وجودى إلي

وأنا سآتى من جسم عدمك .

لا أدركك بى ولكن أدركك بك ،

أينك هو كنه شساعتى وكنه الشعر

ولاأينك هو صور الناس عنك

مَطلقة أنت لكل شعور وفكرة

وستر لكل وجود نكرة

أنت الحي ولا حي سواك

وأنت المسرى إلى غايتك بى

إن أعدمت اللغة وصلت إلى آتكِ

وإن أيقظت نورك كنت وحيدا فى غيابك .

لاعلية لتجربة معرفتك

ولا هوان علي أعظم من إعدامك فى وجودى ،

ثبت ممكنك فى حضرتى

والفظ نسبك لنفسك ، نسبك لى

أستدل عليك بكثافة الشهود على جهلك

إن وعيت نفسى وعيت حينك وحيثك

وإن لم أعيها وعيت فيض الاحتمال أي فيض خلوتك .

سقطت من حروف فى حلمى على فمى

فنطقت مقتولا فى ظهيرة جوعى إلى تقبيلك ،

ألبسك رحمة ديجور وتلبسنى صفائا مستور ،

الناظر إليك فان

والعارف بك مجهول

والسامع لك مسجون ،

لم أنت شاهد التجلي بعين معبود

ولم أنا شاهد التجلى بعين عابد ؟ .

أنا إليك غمامة فى عواصم الشعور

وأنت لى أبيض الظلمة ،

طلعت لى من سراب

واختفيت فى مسرى الغراب ،

أجوبك فأعبر تجربة التيه فى خبرة وجدك

وأتوقف عند روح هى أسيجة نارك ،

بلغت المقيد من اللغة

وبقيت المطلق من تأملك ،

أدمج مراسيم علومك فى عقلى

فأتشكك فى انطواء خطابك فيّ.

خلقتنى وهجرتنى

وخلقتك ولم أهجرك

فى اليقظة أنت فى حيرتى

وفى النوم أنت فى شسوع المجهول المتخيل اللامحدود

الذى أستطيع أن أستشف بعضه .






طاسين الطيف:


خرجت من كل الديار تائها

وصاحبي في تيهي الطيف الأكبر

كافرا به حينا ومؤمنا حينا

وحياتي تجرشها الأيام و الأدهر

مجاهرا بعجزي عن تشوفه

وقدرة عقلي وحسي المستكبرُ

أين الغاية يا إلهي في عين ترى

ولا تراك إلا في الدفتر

أين الغاية في كليّ إذا لم أدركك كلك

في الباطن و الأيسر

قلبي مسجون في رجسه

ويدي تنبت ما سيُقبَر ويُهجَر

فتجلى لمعشوقك الحزين

واكفني مما تكبت وتبطن وتأسِر

أنا غابة من الرؤى الشاطحة

ولكن شعري أمامك خاسر

فافتح حجبك من أمامي

فالجهات الخفية حولك كواسر

إن طفت حولك

هل ستنأى من المركز؟

إن عجبت وشُغِلت بك

هل ستُجِن المدى؟

إن نغمت كلي بكلك

هل ستصمِته عن النغم؟

يا بارىء الوجود والعدم

كلي محزوم من الألم

ومذاك عيني تَرى ذاتها لك الرحم

لا تكن أنا يا إلهي

لا أدرك ما أحشو.

لا تكن غيري

لا أحتملك في السِوى.

أخذتك من الوردة صافيا

ولم أخذك من الشوك

لكي أصفي وجودك منيّ.

قَدِر موتي يا عرس باطني

قوتي الوحيدة في توقك

وتحيين وجودك دوما

ذاكرتي مليئة بسطوعك

وقلبي منبت حضورك.​

طاسين الشعر:

أعلم ان صلاة قلبي

بدلالات الشعر

لن تردها يا إلهي

أعلم انى أفقد ذاتي فيك

كلما وجدتها .

أعرف أنى أضمر حكاية متراكمة ضد صمت خراب العالم

هى حكاية صوتك الذى يتسع في داخلي في الإرادة في المجاز .


طاسين التناغم:

كل شيء خُلق ليتناغم معه

ليتخفى فيه فيخفيه ولا يردعه

كل شيء هو هو إن كان هو هو

كل شيء في رواق مشيئته لفردوسه حتى كَفُوره الحقيقي

كل شيء كَرَهَه كرِه فيه وحدته ونأيه

كل شيء في حَجرِه هو

وكل شيء في حِجره طفلا.

كل شيء أسرف في معناه وصله حتى ولو عصى

حتى ولو شارفه واختفى

حتى لو ذبح ما تمنت دمعته ومضى.

حويك خيل يقفز في حضني يا إلهي

وأنا مسترقا قدرة شهودك من وجدي

رغم عجزي على تشوف القدرة.

يا حلمنة كل شيء

ضد مخلوقك الفيزيائي من أكوان

أركض في جوف كل شيء مزدنقا به

وأتمنى أن لا أَرى خوفا على ما سأرى

فزِلنى بقسمك على الشِعر بالغواية التى من جنس الثرى.

عمدا سأجن من المرأى

من زلفاك بالتجلي

واختفائي في التمني

خذ أمانتك وافننى

لا أحتمل إدراك غيرك

حتى لو كان من أصباغ اسمك.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى