محمد محمود غدية - غروب

إن ما تعجز نساء كثيرات عن إعطائه، تستطيع إمرأة واحدة أن تعطيه،
راغبة طول الوقت فى الإستحواذ على إهتمام الرجل، تختفى داخل لفافة تبغه، تغوص فى أعماق فنجانه، ولا تتركه حتى تستكين كآبته،
ولأنه ينتظرنا دائماً عالم شاسع من المفاجآت والخيالات والأسفار والحكايات، عالم رحب فسيح يفتح أبواب الدهشة،
وفى ضربة موجعة من ضربات القدر غير المعلنة، يسقط الزوج صريع الإجهاد ليس فى مقر عمله، إنما فى شقة زوجته الجديدة، التى أخفى زواجه منها عن أم الأولاد، مبرراً كثرة غيابه بمأموريات العمل المفاجأة، الصدمة موجعة، الحزن ثقل من الرصاص، يحيط بالقدم،
بعد فض الوصية، أكد المحامى أن أرصدته بالبنوك سحبت بالكامل لشراء شقة الزوجية الجديدة، والتى سجلت باسمها،
صرخت أم الأولاد، لم تكن مدخراته وحده، وإنما مكافأة نهاية خدمتها ، وميراثها عن والدها، لتحقق رغبتهما المشتركة فى شقة واسعة، بعد أن ضاقت بها الشقة المؤجرة، وبالأولاد الذين كبروا .
من الذى فى مقدوره أن يعرف الغاية من تصاريف القدر ..!
كان ماهراً فى إخفاء مشاعره، وحاذق فى إختيار كلمات الحب، التى تدغدغ المشاعر، صدقت كذبه وتجرعت كأس الغدر حتى الثمالة،
تدور كالحمائم المذبوحة تنهض وتنكب على الأرض ، مسلوبة العقل، فى دوار
لا تفيق منه، هى المصائر التى
لا يصنعها أحد بإرادته ، طعم المرارة اللاذع يتكاثف فى فمها، لم يكن محباً ومخلصاً، كان كاذباً ولئيماً، تحتاج لكثير من السنوات حتى تتمكن من ترميم شظايا روحها المكسورة،
الموت ليس الخسارة الأكبر فى تداعيات الموت، وما يخلفه من أحزان، وإنما في ما يموت فينا ونحن أحياء،
بدت وكأنها تتفكك وتتهاوى بعد أن ورثت الهم والخوف من كل البشر،
عواصف الشتاء القارص تقرع الأبواب والنوافذ بشدة، تبكى السماء ويسقط المطر، فى محاولة لترطيب روح موشكة على الغروب .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى