نجوى شمعون - سمني القيامة وهذه الحرب فراغ يد من حُلمها

العشب ليس ليناً دائماً ..
سمني القيامة وقل لمن تبعوك في النهر قد أخطأت الطائرات لفظ اسمك
ما اسمك يا ..أنت … المارق كسهم/ في الحرب لا أعرفني… كما لو كنت كومة حجارة / كعابرين في الظل سمني ما شئت
كعابرين /وهذا دمنا يسقط علينا من وردة في الطريق
يهبط ليعلو نازحاً نحو السماء
هى الحرب في ُكم سنبلة يقول شهيد لنفسه حين الصعود على غيمة
من احتكاك حجرين بيد ترتجف من البرد تفتش عن الدفء في وطنها قامت الحرب
والذي يقطف الوردة يشم دمها ويبتسم/ هكذا الحرب إذن …هل تموت الحرب مثلنا يا أبي قالت البنت لجثة البحر/ يد’ تقطف الأطفال وتضحك…
كيف أركض والجثث تسيل كما الجرح ..أسعل فقط أفعل وأتحسس الهواء هل أنا على قيد قصيدة أحيا مثل ضوء ..
فكت الفتنة إزارها معفرة بالغبار الذي جاء بغتةً ليُفرق أسماءه
في الحرب /المرأة الحامل بالتوأم غابت /كانت تحمل في سرتها قصائد
هي أيضاً هاربة من الموت للموت هاربة مثلي من ظلها
والذي يقطف الوردة من بستانها ..من يبالي
والذي يدوس برعمها /هذه الدنيا كلها عارية /اتسعت مرة واحدة في خلخال نكبة
والحديقة بلا حارس لربما ركض خلف قطة تبولت فوق عشب حديقته
خلف السور تركت خراباً وموتاً مبكراً لسور حديقتها
الذي قطف الوردة من مكانها اعتاد على الخطف ولم يهتم لأنين الوردة أو دمها
هذه حديقة مسيجة بالفراغ المراوغ /
في الحرب يتذكر الجندي حبيبته فيتنهد …في الحرب شهقة الطائرة
في الحرب يتفاخر الجندي بالعودة سالماً من الذكرى/ويتذكر له أن يتذكر صور الضحايا في الليل يتذكر /ويهجره النوم
الغارة لص يسرق الهواء وينفلت ككلب ضال على لحمنا
فوق السياج تدور الطائرات كما لو أن عاصفةً هناك ترتب اللحم على مهلها تأكله وتستلذ بالوقت المتبقي لهدنة الريح
ورد’ عالق’ فوق السياج/فراشات/ أنين سنبلة وليل تخمش ظله الطائرات
فوق السياج قصيدة لم يكتمل حلمها قفزت لتروض الفكرة هناك…
يقول طفل في سره :الطائرات بشعة حين تقضم من سماء غزة شهيد
عن البنت التي تشبه القمر خطفتها طائرة قالت أنا الوتر وتر الكمان أنا الوطن
ظلت ضحكتها عالقة على السياج كما الفراشات
يا الله … بكى القمر ضحكتها وانسل فرح من دمنا
كم أنت وحدك في العزلة /الضجيج وحدتك
تعد الليالي كما تعد النجوم نجمةً نجمة
كم أنت وحدك في وحدتك ألفت الحنين إلى قصيدة تشعل حرباً بين الماء والنار /الهواء وقرن غزال / الموت والموت/ الأبدية لمن يحترس من الموت حياً
غزل صباحي يقفز من فوهة الجسد-انتظار يصفع الروح فتسقط على قدميها المتربة-جناح يصفق للوصول إليك
المزاج رصاصة العابر إلى جلده
آه منها عزلة الغزالة تمضغ عشبها بلين الحب وتنهمر على البقايا من جسدي كالندى المتوحش
في كل مرة أوشوش لجسدي أن يطير إليك
قلت تمهلي …
يسيل الرصاص /آه يسيل كرغبة محمومة نحو الموت /جنون امرأة ترملت على الغياب
في كل مرة أنقص عن الهواء فلا أطير ولا تطير كسرب من الأسرار /
في كل مرة أزيد عن حاجتي فيك فأركن في ضلعك ناي سفر ..تقدم أيها الموت لأطعنك تقدم
ينحاز حب لنا / في يدنا واليد أول العتب بعد العين حين تنفرد المسافات فينا /في البُعاد أصير غولة الطريق /وحش الغابة/ ركض غزال بري فيك
أوشوش الحواس لأصير انتباه الغزاة لفكرة يحتلها الرماة في الغابة..
متى كان الحزن يُعرش كاحتمال يُسقط الظن فيك آلهة
لا صوت لطائرة الآن على باب القصيدة /لا ريش لطائر قلق /لا خطايا للغة سوى ما ُتهربه نوارس البحر في جسدي
وأنا وأنت جسدان ُيهربان المسافة إلى آخر ليلهما
والريح تأتي من خلفك صوب لها هلالاً /أنا رايتك فاخلع قلبك أيها الندى من اسمي لأمر كما يفعل الغزاة هكذا كشبح يتحسس جلده صارخاً: هل نجوت بما يكفي من الحرب لأنهض بالجسد مرةً أخرى…
هذا مطر لا يشبه البارحة لا يشبه طيفك حين يمر بي يبرق فأتوهج مثل قنديل علقته أمي على طرف البلاد للعابرين حين اللجوء صار ثقيلاً على الهواء
هذا مطر غزير مثل قلبك فوهة قمر يشعل ليلنا بالأغاني
وهذا مطر اختلط مع الرصاص / المنهمر كليالي الحرب/ قل لي :ماذا فعلت الحرب / حين دلفنا تحت مزراب المطر نفتش عن الغائبين في دمنا …
ماذا لو أخذتني الحرب سريراً لها ..ماذا سأفعل بي آنذاك …؟
وأنا وإن نسيت الحرب كيف تنساني هذي المخالب المتوحشة…

* القدس العربي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى