فوز حمزة - إلى الحسناء جارتي.. قصة قصيرة

مهداة إلى ثوار تشرين .. إلى الذين ينامون بينما يتركون أحلامهم خلف الأبواب.


كانت الشمس توشك على المغيب حينما أمسك به رجلان ورموه بقوة داخل سيارة لتنطلق به مغمض العينين مكمم الفم .. بعد ساعات من الانتظار، أدخلوه إلى غرفة تفوح منها رائحة سجائر فاخرة وعطور اختلطت برائحة الزمن المتعفن .. كانوا أربعة رجال .. بالكاد رأهم بعد أن رفعوا عن عينيه العصابة .. سألهم مستغربًا:
- ماذا تريدون مني ؟
أجاب كبيرهم:
- نريد كل شئ ..
- لا أملك ما أعطيه لكم !
- أخبرنا أولًا اسم أمك !!
- هل هذا كل شيء ؟
- بل هذا أول الأشياء ..
- ثم ماذا بعد اسم أمي ..
- اسم أبوك ثم أسماء أخوتك ..
- لكن أبي مات !!
- نعلم .. نحن من أهال عليه التراب وكذلك نعلم مصير أخوتك ..
- ثم ماذا ؟
- كم عمرك ؟
- لا أدري بالضبط .. لكنها كل سنوات القحط التي مرت ..
صرخ أوسطهم :
- اخرس .. كيف تجرؤ ؟
سأله كبيرهم حينما هم بالنهوض:
- أخبرنا ما مهنتك ؟ بعدها اسم الحسناء جارتك ..
- الحسناء جارتي ؟! ..
- نعلم أنك تعشقها .. والعشق ممنوع في شريعتنا..
- منْ أنتم ؟ ..
- نحن القضاة والجلادون ..
ضحكوا جميعهم في وقت واحد. نظر لأحدهم وقد كان يعرفه ، سألهم مشيرًا له:
- هل هذا الأعور معكم ؟
- اخرس و أجب .. أين كنت قبل أيام ؟
- كنت في الشارع .. أبحث هناك عن سترة أبي وقرط الحسناء جارتي ..
- ما بال وجهك وقد انسلخ اللحم عنه؟ ..
- يعاني الترقب الذي طال تحت أشعة الشمس ..
- لكن الوقت شتاء !!
- حقًا ؟! .. لم أعد أميز الفصول ..
- هل تعاني من ألم ما ؟
- لم أعد أعرف مواطن الألم في جسدي .. فقدت الشعور به ..
اقترب منه أصغرهم، هامسًا في أذنه:
- كيف عدت للحياة مرة أخرى .. ألم نقتلك في العام الماضي ؟
- وستقتلونني في العام القادم .. لكن دون نهاية ..
- لِمَ عدتَ إذن؟!
- قدري أن أعود ..
صاحوا بصوت واحد :
- هذا ممنوع !! هذه المرة سنقطع أيديك وأرجلك كي لا تفكر في الرجوع ..
- حينها سأزحف نحو أحلامي .. ربما سيعانقها أخي بدلًا عني ..
- لك أن تتنبأ بما سنفعله بك ..
- هل لي بطلب أخير قبل أن تتقاسموني بينكم ؟
نظروا لبعضهم .. فهز الأعور رأسه علامة الموافقة قائلًا:
- لك ذلك ما دام الأخير ..
- أخبروا الحسناء جارتي أني سأعود .. ما عليها سوى ترك الأبواب مشرعة ..

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى