هاني رضيو عبدالله - من أين جاءت

تمشي قليلاً مواويلاً وألحانا
كي تملأَ الأرضَ أسماكاً وشُطآنا

مرّت وكان لها
شَعْرٌ تمايل كالأمواجِ
يُشبهُ اعصاراً وطوفانا

وعندما عاينت لي كنتُ من خجلي
أدنو إليها كما المجذوب خجلانا

وضعتُ كفّيْ على عينيّ فاقتربت
مني ولامستُ شيئاً قطّ مابانا

حتى التصقنا معاً والله ثالثُنا
يرى ويسمعُ ما يجري بِلُقيانا

شقّان من خلف أولى فيهما شفتي
ياليتني كنتُ جنيّاً وشيطانا

يا آدمي كُفّ عن حواء أسئلتي
غريبةٌ لم تجد إلا خطايانا

وهكذا ابتدأت في الخلْقِ سفرتُنا
الخيرُ والشرُ مجرانا ومرسانا

فلا تقولوا هل الصوفيُّ مُنحرفٌ
عن دينهِ لستُ فيما حلّ رُهبانا

نزلتُ من جنبةِ النورِ العظيمةِ في
تركيبةِ الطينِ لا تقوىً وإيمانا

وكُلُّ مرتبةٍ تؤتي مُناسبةً
لها وقد حان أن نحكي الذي حانا

يا أنتِ يا امرأةً
إني أُخالفُ أصحابي
المُريدين أخلاقاً وعرفانا

فلا تخافي أنا ذو رغبةٍ ومعي
دينٌ جديدٌ ولا أحتاجُ بُرهانا

العشقُ ليس عُزوفاً عنكِ تلك مضت
أنا الفقيهُ الذي أفتيتُ رؤيانا

يحلُّ لي كُلُّ شيءٍ لا وجودَ لمن
ينأى ومَن سوف ينأى عاش خُسرانا

يا خلوتي في ظلامِ الليلِ أشرحُ لي
صدراً وأقربُ إيلاجاً وغُفرانا

صارحتُها بعذابي فانقضى أجلي
وابتلّ عُودي وقد ازدادُ ايقانا

وكنتُ أسجدُ شكراً فوق راحتِها
كي أعبُدَ اللهَ إقراراً وعصيانا

ومن سيُصبحُ مثلي في تصوُّفهِ
وحين أُرسلتُ قد أُرسلتُ فُرقانا

عصايَ أفعى ولكن لم تعُد خطراً
على الفراعين مُذ أُهملِتُ نسيانا

ومُذ أبحتُ لأولادِ الزنا بلدي
ونمتُ عنهم كما لو نمتُ سكرانا

قولي لهم أنني
أصبحتُ خادمَكِ المولى
وأني فمٌ فضّلتُ كتمانا

ولنخلعَ الجُبةَ البيضاءَ في زمنِ
الفوضى ونرميْ على الجسمين أقوانا

وصدّقيني فإن ما كنتُ مُبتهجاً
كيوسفٍ سوف ألقى البحرَ عطشانا

أنا المُسجّى ولي سرٌّ يُكابدُني
أحيا كبلقيس إذ جاءت سُليمانا

رفعتُ ساقي إليها وهيَ تغمزُ لي
وقد تقدّمتُ كالمجنون عريانا

تعوّذت من ودادي بعد رحلتِنا
وآمنت وانتهى في الحال ماكانا

مخلوقةٌ من ضلوعي كيف أكسرُها
طوبى لقلبي الذي لاقى زوايانا

عصرتُها بوجودي أخرجتْ عسلاً
وسال ماسال فوق الأرضِ ريّانا

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى