أسامة إسبر - كيف نعيش أمام هذه المرايا؟

-١-
يؤكد الفراغ حضوره
لا شي يسندني فيه
أو يعانقني إلا السقوط.
ورغم أنني أحن أحياناً
إلى فراغ
يولد نقياً وصادقاً
حيث تصمت الكلمات،
وتصغي الأشياء
إلا أن الفراغ الذي أنا فيه
مجبولٌ من غيابكِ.
-٢-
لا أعني فراغاً
تتركه موجةٌ بعد أن تتلاشى،
أو جناح بعد أن يحلّق
أو أوراق شجرةٍ بعد الذبول.
أعني فراغاً
يسطع بين ذراعيّ
فراغاً جاء بعد رحيلكِ
وأقام في جسدي.
-٣-
لهذا أيمّم نحو الشاطئ،
محاولاً أن أغرق همومي
في ماءٍ هادرٍ
أن أسلم ما يدور في رأسي
لرؤوس الأمواج
وهي تتقدم بقرونها
قطيعاً من ثيران هائجة
على حلبة ماء مجنون.
لهذا أغيب
عن نفسي وأغرق في نفسي
كأنني أسكن موجةً
أولدُ فيها وأموت.
لهذا أغني محاولاً
أن أعزف على أي وتر
باحثاً عن كلمات
أقولها لغيابكِ
وحين أمدّ يدي
كي أغترف من نبعها
لا ألامس إلا جفافها على أصابعي.
-٤-
لا تتحدث الينابيع
بل تنبع وتتدفق ثم تروي.
العذوبةُ لا تعتدّ بنفسها
وهي تُسلم شفتيها.
ما هو جميل يوحي
يتوالد في نفسه من أجل غيره
مانحاً لحظاتنا ريش أجنحته
كي تحلّق بنا
لكن السراب
الذي يلمع في صحراء حياتنا
لا يكف عن سرقة ملامحه
فكيف نعيش أمام هذه المرايا؟

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى