محمود سلطان - شَهْقةٌ مِنْ يَنايرْ..

يَا أنتِ.. يَا مَنْ فَوقَ نِيليْ تَجْلسِينْ
لا تَسْمعينَ.. ولست أذكر أنني
كنتُ الصّديقَ لأسمَعكْ
لا دمعةً شَهَقَتْ ليلتفتوا إلى وَجَعِيْ ولَا
مَنْ أوجعكْ
ما كُنتِ يَوماً مِثلنَا تَتَوَجّعينْ

يَا أنتِ.. يَا مَنْ فَوقَ نِيليْ تَجْلسِينْ
يا ألفَ مئذنة يَشُجُّ هِلالُهَا لَحْمَ السَّماءِ مُكَفناً
بِلَفَائفِ القُبحِ "المُفُخّخ" في العُيُونْ
هَلْ تَذكُرينْ ؟
واللّيلُ يصْنعُ قَهوةً يَمَنيّةً لَرَمَادِ نِفْطْ
وَيُذيبُ عَظْمَكِ سُكّراً للْمشتَرينْ

يَا أنتِ.. يَا مَنْ فَوقَ نِيليْ تَجْلسِينْ
هَلْ تذكُرينْ؟
ما عادَ صَفصَافُ الشّواطئِ مِثلَ شَعرِ حَبيبتيْ
وَكَمَا رُمُوشِ حَبيبتي
يُمليْ علينَا كَيفَ نَكْتبُ شِعرَنَا كَرَزًا وَتِينْ
وزَفيرُنَا..
وَشَهِيقُنَا..
عَرقٌ وَطينْ
ونفوحُ عطراَ تحتَ إِبطِ الأرضِ نعبَقُ يَاسَمينْ

يَا أنتِ.. يَا مَنْ فَوقَ نِيليْ تَجْلسِينْ
هَلْ تَذكُرينْ ؟
حينَ الجَحَافِلِ أَقَبلَتْ..
كِسَفًا.. يَنوءُ بِهَا الرّجِالُ المُتْخَمُونْ
وحَوَافرُ الخَيلِ المُعتّقِ في صَفَائِحِ عُمْرِهمْ
بَينَ الجِبَالْ..
دَاسَتْ عَلَى رَأسِ البُخاريِّ والثّقاتِ مِنَ الرِّجالْ
بَالَتْ على كُتبِ الخَيَالْ
قَصّتْ أصَابِعَ رِيشَتيْ
وتوسَّدَ القُبحُ الجَمَالْ
والحِبْرُ لا نَبْضٌ لَهُ..
لم يبقَ مِنهُ غيرُ حَشْرَجَةِ السُّعَالْ
لا صَوْتَ يَعلُو فَوقَ قَهْقَهَةِ الجُنُونْ

يَا أنتِ.. يَا مَنْ فَوقَ نِيليْ تَجْلسِينْ
هَلْ تَذكُرينْ..
نَادوا المَدائنَ حَاشرِينْ:
مَنْ عبقَرِيٌ مِثلُهُ في الأوّلينْ..؟
وَكَلامُهُ وَحيٌ.. مِنَ اللهِ العَظيمْ
وَنُبُوءةٌ .. !!
وَخَليفةٌ..
وَمَقَامُهُ فِي الرّاشِدينْ
نَجمٌ لَهُمْ.. وَبنَجمِهِ "هُمْ يَهْتَدُونَ"
دُنيَا وَدِينْ.. !

يَا أنتِ.. يَا مَنْ فَوقَ نِيليْ تَجْلسِينْ
هَلْ تَذْكرينْ
فَهُنَا.. هُنَا.. لا يَرحَلوُنْ..
يبقىْ.. ويُجْبيْ فوقَ مَا تَسعُ البُطُونْ
وغداً ـ إِذَاْ ـ سَقَطتْ عُرُوشْ
وَتَفقْدُوا نَفْخَ الكُرُوشْ
تَرَكوا رُفَاتَ الأَرْضِ ليْ
رحلوا بِلَحميْ.. مُتخَمِينْ

** محمود سلطان في أول يناير 2023

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى