علاء نعيم الغول - بدائيون وأنبياء

بدائيون وأنبياء
شعر: علاء نعيم الغول
ومن الحياةِ إلى الحياةِ
طريقنا مبسوطةٌ منذ البدايةِ
كلها حفرٌ ردمناها وأخرى لا تزال
مليئةً بالماءِ لا نحطاطُ دوما بل نغامرُ
جاهزين لأن نكون هنا ضحايا
أو هناك مضرجين بما تبقى من
دماءٍ فوق رملٍ ما وعند بنايةٍ أو مدخلِ
الحي الأخيرِ وكم تجاوزنا حقيقةَ
أننا بسطاءُ أو موتى وعشاقٌ بلا سببٍ
فقط نجدُ الرسائلَ قبلنا مكتوبةً
ونعيدها أيضا بأغلفةٍ بلا لونٍ فقط
نحتاج أن نبقى قليلا آمنين بلا اعترافاتٍ
بلا وجعٍ وهذا ما وجدنا في صحائفِ
قريةٍ مهجورةٍ أن السماءَ مدينةٌ للواجدِ
الملهوفِ للمطرِ الرقيق وقطعةِ الشمسِ
الصغيرةِ والضميرُ الآن يجعلني نقيا
لست مقتنعا بما في هذه الكتبِ
التي اختزلت وجودي في كلامٍ ليس
علويا ولا سار النبيون الكرامُ به
لا شيء يقنعني سوى قلبي ورائحةِ
القرنفلِ في الصباحِ وهمسةٍ منكِ
استجابت للندى وحكايةِ الأحلامِ
وهي تطيرُ عاريةً كما سربُ اليمامِ
مع الحياةِ نسيرُ في زُمَرٍ ونتركُ خلفنا
زمَرا من الغرباءِ ما أقسى البقاءَ وأنتَ
تحفرُ في صخور الحبِّ بيتًا كي يقيكَ
الموتَ والموجَ الذي خذل الموانىءَ
مرةً ألقيتُ منها خاتما في البحر منقوشٌ
عليه الإتهام وساعةُ الصفر التي سبقت
تعري الملحِ في جسد الفراشةِ
لا يزال هنا رفاق آخرون وجدتهم
بين الخيال وشارع السرو القديمِ
وكان يوما ممطرا
سيارة مهجورة كانت هناك
أمامها أشعلت نارا كان
فيها الصمت مختلفا يذكرني بما فعل
البدائيون كي ينسوا النساءَ الهارباتِ
من الكهوف إلى كهوف النفس
وهي تفيض بالأشواق
والنارُ انهيارُ الحلم
غاراتُ المغولِ على ضياعٍ في
الطريق إلى دمشقَ لكي يُسروا عن
مليكهم الذي ضرب الهواء بنِبله
ليصيب خاصرةَ السماءِ ولا تزال
النارُ متعبةً من التفكير في معنى
الرمادِ وشهوةِ الدراقِ في غرفِ المساءِ
ومن يموتُ مصدقا أن الأماكن تحفظُ
الماشين تذكرهم على جدرانها
والذكرياتُ مقابرُ الأحياءِ
والحب انتصارٌ مرةً وتوقعاتٌ
تجعل الأيام واحدةً لهذا لا تزال النارُ
مشكلةَ الذي أفنى الحياة يجمِّعُ
الحطبَ الكثيرَ لتأكلَهْ.
الخميس ٢٦/١/٢٠٢٣
رواية صناديق النهر

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى