عادل المعيزي - من أنا في غدي..

مَنْ أَنَا أمْسِ..
حِينَ عَبَرْتُ إلى غَيْمَةٍ في يَدِي
مَنْ أَنَا فِي غَدِي
رُبَّمَا احْتَشَدَتْ قِصّةٌ دُونَمَا سَبَبٍ
ربّما..
عَبْرَ قِوامِكِ أمْضِي إلى لُغَتي،
وأُفَتِّحُ زهرَ البَراري عَلى خَدِّكِ المُتآخِي مَعَ النَّهْرِ
عَبْرَ مَوَاويلكِ البَدَويّةِ أمْضِي
إلى حُزْنِ تلك العروبةِ..
وهي تَبْحَثُ خَلْفَ البُحَيْراتِ
عَنْ أغْنِياتِ اليتامى
وَهُمْ يَسْمَعُونَ وُعُودَ العَسَاكِرِ بالقَمْحِ
في جنَّةٍ تخْتَفي تَحْتَ خَوْذاتِهِمْ،
عَبْرَ بَحْرِكِ أرْغَبُ في الانتِحارِ
على حَلْمَتيكِ
لأهْربَ من أَيَادٍ مُلطّخَةٍ بالجَرَائِمِ،
أفْتَحُ نَافِذَةً في يَدِي..
ثمّ أنظرُ عبرَ فراديس أذّنَ فيها الرّحيلُ
لكيْ تتَفتّحَ منها طيورٌ
ستمسحُ وحشةَ غيمٍ
يُحدّق ُ في غيمةٍ لا سَماء لها
وأُهَرِّبُ من شَجَني لحْظة لأُطِلَّ
على رقَّةِ الخَوْفِ في لُغَةِ الكائناتِ
حياتي سَبيلُ الأغاني
غَفَوْتُ على سَاحِلٍ أطلسيٍّ
وكان فراشيَ مَوْجًا وكانَتْ
وسادةُ روحي نوارسَ
كنتِ تُؤاخينَ لؤلؤةً في المَوانِئِ
ثم تَزُفّينَ رُوحي إلى عُزْلَة السّرْوِ
مَنْ لي سوى مُقلَتيْكِ تُطلُّ عليَّ
مِنَ البرقِ ثمّ تُدلّي بياض الأقاصي،
وتخلعُ فِضَّةَ قَلبي وتوغل في كلّ غيب
تُهَدْهدُ ريحانةً
وتقودُ رُفاتي إلى بِرْكَةِ النّورِ
مَنْ لِيَدَيَّ
سِوَى نَهْدِكِ المُسْتَدِيرِ
كضفّةِ تلكَ الحدودِ البعيدَةِ
مَنْ لشفاهي سوى..
شفتيكِ
تُضمّخها في غدٍ نافقٍ قُبُلاتي
ويغرقُ فيها لساني، يُتَمْتِمُ بالصّلَواتِ
ويَقْفِزُ في الظِلّ منتشيا بالدوالي ويَفْتَحُ مملكةً
ثمّ يغزو قلاعا..
ولكنّه، مثلَ أبطال هومير، يَسْقُطُ في الأَسْرِ
يصلبُهُ ثغركِ الغجريُّ البديعُ
ويحسَبُ أنّ البهاءَ سَيَرْفَعُهُ في السّمَاءِ
مَسِيحًا
ويَجْعَلُني رَاهِبًا في انتِظارِ
المَسيح
وأحْسَبُ أنّ لأنفاسها خَدَرٌ
يصلُ الغيبَ بالغيبِ
ولكنّهُ الحلمُ يأخذني من زهورٍ
- تُوشِّحُ فستانها الشّبَقيَّ -
إلى دَمْعَةِ الأرضِ
حيثُ اللّقالقُ مصلوبةٌ في التعاويذِ
إذْ يَصْدَأ الموتُ فوق التلالِ
وتنعَسُ في آخر الصفِّ تنهيدةُ الضوءِ
وتذبلُ أضْرِحَةُ الغيمِ أو تتناثرُ أوبئة الريحِ
إذ لمْ نَعُدْ قادرين على الاصطكاكِ
كأنَّ بنا خفقةُ النزواتِ
أذوبُ على هالة القمر المتدفّقِ
من رحمِ الليلِ، لقَّحَهُ نيْزَكٌ
يَعلقُ القمرُ النُّطْفَةُ
العَلَقَه
وتمنّيتُ لَوْ عَلَّقَ الله أرْضًا
بِها نَجْمَةٌ تَتَأرْجَحُ لامعةً
وشموسٌ بحجم غطاءِ الرؤوسِ
تُتمتمُ بالنور، ثم وفي جُزُرِ البَرْق تَهتفُ جذلى
بما تحت سقف الحياةِ..
تَمَنّيْتُ لَوْ زمنًا بَعثرتهُ الظلالُ
على بابهِ النهرُ
وانْطَلَقَـ ا
النهرُ نحو زمانٍ جديدٍ
تَمَنَّيْتُ لو يَشرَقُ الحبُّ بي
شَرَقَـ ا
الحُبُّ بي! قَبْلَ أنْ صَارَ للعاشقينَ
جفونٌ، وقبلَ تَرَقْرُقِهِ الدَمْعُ
فوق المرايا القديمةِ
كمْ خَفَقَـ ا
في رنينِ خُطايَ – إذا لمَعَتْ في الرصيفِ
على ورقِ الشجراتِ – الخريفُ
وكمْ خفقَ السروُ يهتفُ،
حدَّ اخضرار الّليالي، بِروحِي
تهبُّ على نومكِ العَبَثيّ
لأنّ الخطاطيفَ ترعى على كتفيَّ
ولكنّني مَنْ أنا..
عبرَ خصرِكِ أمْضي
كأنّي غَدي
وكأنّ غَدِي يَهْتدي
وكأنّي..
تَطلّعتُ حوِلي..
وحوِلي تردّدتُ حتّى أرَى
خلف هذا السّديم
السّديم النَّدِيّ
مَنْ أنا أمْسِ حَتّى أرَى
نُورَكِ الأبدي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى