يعقوب المحرقي - أنت منذ اليوم

إلى : جبل عمان


بعد أن فارقه نهر الأردن
"من زمان شربت حسرة ذاك الصوت حبات الرمال مزجته
في حناياها اعادته الينا لينا كالحلم سحريا شجيا فكأني
قد تنفست شجونه
وكان الصوت في طيات صدري
رجع اليوم حنينه
فاراه بدويا خطت الصحراء
لا جدوى خطاه
موحشا يرقب اثار الطلول من زمان" .
( تيسير سبول )
لم تكن بطاقة دعوة
لم أكن في زيارة للقياك
كنت عابرا في حلم الفراشة
فرايت شوكة الموت
في صخرة طوقتها
كائنات عجائبية مزنرة باللهب
رايت قلمك الصغير
نخرت جسده المرهف الديدان
تقاذفته الجراح
كأن طلقا ناريا اصابه في مقتل
هل كان صدى لرعشة حروفك ؟
هل كان يردد مافي دخيلتك ؟
وقفت على مفترق اليأس
بين سواد الليل في هزيعه الأخير
وبين ضباب الرؤية
شيد لك الوهم منظارا لرصد الكآبة
كانت طوابقه متصاعدة
كلما صعدت إلى ذرى سامقة
اعادك إلى بداية
الحضيض والإنكسار
سنون طوال
وانت برومثيوس حاملا صخرته
يرفعها عاليا فتدحرجه إلى القيعان.
أستاذ أملك كان امين شنار
عضدك ومد ساعديه لنجدتك
من غادر العدوان
وضراوة الفأس الفاصلة
بباس وياس متلازمان
صرخت في رأسك الكوارث
وتناوبتك الكآبات
على بوابة وجعك
طاردتك قذائف حروب سرية
وسحب مشفرة بفجية الذكريات .
أحاط برأسك جحفل
من الرعب المدرع
بحديد ونار حروب ، مجازر ،
نكبات وانتكاسات توالت
وراسك الصغيرة تعالج الغزو بالكتابة
الدواة جفت والقلم عجز
والحبر انشلت سواعده
وماتت آخر قطرة في مآقيه السود .
أيها العاشق الجميل
لم تخنك الكلمات
ولم يتخلى عنك ملاذ شنار
جاءتك القنابل الكارثية
وانت في طلي مواسم العطاء .
تدافعت السحب رمادية وسوداء
طوقت إياد خفية شرسة عنقك
صرت بين النطع والسندان
حز السكين في رقبتك
وشرايين قلبك الرهيفة
توشك الانفجار بقاني الدم
تختلط في رؤيتك الألوان
الوردة الحمراء والرداء الاحمر
وغمامة حمراء
تطير بثقل على راسك .
لم يكن خيارا عصيا
ولم تكن مازحا مع الموت
في تجليه الأحمر .
سيد الكتابة
وامير الحروف المتباهية
بشباب حبرها واناقة قراطيسها
انت فارس السرد وعدو الأوهام
كيف تلاعب بخيالك الوهم
وعرش على سقف حلمك
لم تكن القاعة الملكية
في غريب حلمك
سوى ساحة الإعدام .
المقصلة الصقيلة في طرف القاعة كانت تؤثث الفضاء لموتك الوشيك.
عصية الهزيمة
تلاحقت وتلاقحت
واسست قبائل من الفناء
أقساها كانت الثانية
مزقت اغشية قلبك
ثالثة الكوارث صدعت البر والبحر وفجرت السماء.
بقيت في السراج ذبالة ريح
تلاعب ذاكرتك وتداعب اوهامك .
انت منذ آليوم
اصبحت في قافلة محكومي الإعدام
لا تهم الوسيلة ولا التهمة
غسلت جسدك بزيت الزيتون
ونبيذ العنب الشفاف
صليت لعمون والطفيلة
سجدت سجدتك الاخيرة
وعانقت نسيم البحر الميت
لانك ذاهب الى فردوسه .
سبول يا سلسبيل النشوة
في محفة النهار
لو كنت رفيقي وكنا صديقي شنار
لعالجنا الوجع بمياه نهر الأردن
وطهرنا اوشاب جروحك
بزيت الزيتون كماء الذهب النقي .
ايها الجميل غامرت في أوج السخاء
ذهبت إلى نار الغرابة .
تركت خلفك الراحلة
وعلقت بالرحلة
أوجاع حزنك عانقت فينا مخاوفنا
فغرقنا في قراءة همومك
منذ اليوم الذي راك فيه النجم
وشطت النيازك .
امير الأقمار الزرقاء ودعت الطفولة والطفيلة واسرجت حصان الخيال
المدرج الروماني راك تمر
تحت ضوء قمر ازرق
وراتك النجوم الساهرة
على جبل عمان .
عندما غادرت لم ترك الشمس
في غادي الأيام
ولا شاهدك نشامى الطفيلة
على حصان الخيال
اسرجت الخيل ولم تنس الخيال .
سبول رفيقي في مطاردة الحرف ومطارحة اللغة وتاسيس سلالات السرديات الحالمة بحرية وعدالة
شربنا وجعك ومانزال .


يعقوب المحرقي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى