يعقوب المحرقي - مناديل مبللة بشفرات الحب

"مهما تكن الدموع
التي نسفحها تنتهي
دوما في منديل" .
(مارسيل اشار)
كاتب مسرحي فرنسي
1899 - 1974

"ناخذ دائما القطار الى مكان ما
في أقصى الرصيف
ترفرف الايادي والمناديل " .
(جلبير بيكو )
مغني مؤلف
وعازف بيانو فرنسي
1927 - 2001


ليته لم يصل
على منكبيه تناقضات الحياة
محملا بالأفراح والاتراح
ليتها لم تنسج المناديل وتطرز وتزخرف برهيف الحنان
لدر الدموع وعلاج الوداع والفقد .
ليتني
لم ار القطار مقبلا يدخل كحصان مهزوم مريض حضيرة العذاب .
ليتني لم اسر
على طريق الآلام الى المحطة
قدر أغضب الهي
حظ عبث براس شيطاني
امراض نفسيه
او عجز بشري عن معانقة السلام .
لأسباب شتى وفقد متعدد
ذهبوا طوعا أو غصبا ذات مساء
النواقيس والأجراس
قرعت في وداعهم
السماء زرقاء والنجوم نثرت
على اكتاف معاطفهم زئبقا وفضة .
القمر يسر لركاب مرشحين للفناء باسرار الطرق والغاز المفازات
حاملا صورا لمفقودين
مجهولي العودة منذ قرون .
أقارنها بصورة التقطت لنا
الصورة معلقة قريبا من نبض قلبي
ذات مساء ثمة ميلاد وشمعة تنوس على كعكة كلمتني بخفوت :
ها انت اكلمت سبعا وخمسين .
في مشهد هامشي :
هولندا وقفت تنظر بعيني مزخرف الفقر برهيف الثياب بيتر بروغل تقدس سره إلى :
ساعد او جسد كامل الأطراف
مفقود الدماغ .
رحلوا قبل ان يقف القطار
كأن التي لم تنم ليال
من شقاء الانتظار :
آلأم والأخت والزوجة
وأشدهن بؤسا ومرارة الحبيبة
التي جف عودها وصارت عرجونا على نحيل الاشتياق ونخيل التوق .
ذهبت البهجة
في قطارات اخرى غير هذا
كانت العربات تغني للربيع
ومن النوافذ تطل فتيات
برائحة الياسمين وبرونق القمر
وبنسيم عليل
يداعب بشغف شعورهن .
كان القطار حصانا
منتصر ا يفاخر بحوافره الفضية
مطهم بسرج جلدي ملون
ومهماز مطعم بالذهب والعقيق.
بعيون شاسعة الاستدارة
من دهشة الفرح بلقيا الربيع
واسعة كعيني غزالة
تعب الماء القراح
من نبع سلسبيل عذب الماء .
للقطارات اسماء الخيول
وللعربات اسماء الغزلان
وللنساء في المحطة اسماء الأشجار
وللصبايا الجميلات اسماء الزهور .
كان زمنا يودع باسى الأحضان والعناق ورطب المناديل
ويستقبل بطري الجناح
وحسرة القلب وندي الدمع المسفوح
على وردي الخدود
الم وشغف وفرحة لقاء
كان القطار يلهج بالنور والظلمة ويشي بالذكريات .
اذا ما اتيت قطارا فلا تتاسى ولاتفرح
ولا تجعل منه فرسك
لرحلة مجهولة النهاية
اذا ما الحوذي مات ناقلا جثثا
لبقايا جنود وانصاف بشر
فاعلم بان حربا مرت من هنا
واكلت اخضر الجنود ويابس
القوت وهشمت ماتبقى .
اعلم بان آخر القطارات لم يأت بعد واخر الحروب لم ترها حتى الحين .
فانتظر في المحطة
لاتبارح حتى يمر القطار
ولتكن لكل حصته من ترح وفرح وقنطار حنطة
وسلة من فاكهة واطياب سرور
وحلوى لعيد سيهل وحفنة تراب لدفن ماتبقى في قيعان الموت
وتبر من بساتين النسيان
وما لم تره اعينكم
وما لم يسمع به الشاعر
ولم يجده باحثا
في من ملفات سرية لحروب سلفت واخرى قائمة وقطارات مضت واخرى ستجيء تباعا .


..................
(بيتر بروغل الكبير )
1525 - 1569
فنان رسام من عصر النهضة
في هولندا. رسم الفلاحين الفقراء
ومرضى الطاعون والهاربين
من الفقر والوباء الى الجحيم .

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى