يعقوب المحرقي - فاس..

" وان سألوك عن فاس
قل : هي بجمال يوسف وحزن ابيه وغدر اخوته "
(من منشور على الانترنت ).

«كأني أراك تلفين إدريس حين أتى هاربا
في حرير دعاك
وإني أراك تزفين كنزة في الهودج المغربي».
" فاسه التي في إخفاء الجمال تخبئ سر سرها
وتمنحه وعدها وبينه و بينها ذلك الذي لا يقال»
(عبد الرفيع جواهري )


كل صباح ما ان ارفع ستائر مقلتي
تطل من شرفة قلبي شمس الكلمات
فاحمل سلة الورد ذاهبا إلى افق جديد جذل بغناء الطير
و نغمات الموسيقى وعبق الياسمين
كل صباح اجد سلة الورد مملوءة بالأسرار والأسئلة وحكايا الجمال
البراعم ناضجة في دنو القطاف
والظلال وارفة كالهدايا
والتحايا كثيرة كالعطايا الإلهية تتنزل من اعالي السحاب
اخرها كان من فاس تاريخ من الحب والجمال والزعفران
ثمة سلطان فر من بغداد على سرج وبيده فأس ذات شكيمة
ثمة فأس غرست في الأرض الخضراء فتجذرت وتشظت
فولدت فاس المدينة والنهر وولد الفاسيون الشجعان
مجللون بنور ادريس وبهجة القرشية
تجولت في اسواق المدينة ورشفت نعناع شايها
قصدت القرويين علي اتبرك بنفحات من طيب فاطمة الفهرية القرشية فرايت احدى الحفيدات تخفي وجهها حياء قالت : عزا عزا
فقلت الرحمة
مضى بي السبيل الى سلس الطريق فاذا بطارقي الأواني وحائكي جلابيب النساء ومروضي الجلود لسرج السابح
وطيران الخيل في افراح فاس مطهمة بضوء القمر وزرقة السماء
تصهل في ليالي الأعياد
قلت اذهب إلى السقيا فعانقني نهر فاس والقمني حلو الشفاة ومرح النبيذ
رقصت كصوفي التقى ربه على مركب في نهر فاس
تألق قلبي وفرطت دمعة فرحي فقال مرحا واهلا بضيف جديد
زرت التلاع والتلال والقلاع
وشاهدت عصمة البلاد في قبضة العاصمة العتيقة فاس
قابلني بضحكات القبل الاندلسيون الهاربون من جحيم الكنيسة
كانوا من شتى الأديان
وجدوا ملاذهم وماوى رؤوسهم التي هربوا بها
فاس فتاة تلعب على النهر وبين التلال
قلت سر بما تبقى في سلة الورد إلى قصر البطحاء
فملات الصبايا سلتي بالفل الفاسي
وتذوقت من اصابعهن الرقيقة طيب الحلوى بماء الورد
دار بي الخيال على فرس فاسية مسرجة بوميض النجوم
فاذا بي في خزانة القرويين امتح من حروف ابن رشد ونوره
ورقاع ابن خلدون في عشقه لتواريخ البربر
في احدى الرقاع بحثت عن اسماء اعرفها فوجدت فاطمة الفهرية
وعلال الفاسي ووجدت صديقي الجميل يطل علي من قاع جرار الماء
وعرفت انه الفتى البهي عبداللطيف اللعبي
اهديت مضيفي الجليلين من سوق العطارين نفحات اندلسية
من طيب وعود الجزيرة
فسكرنا باريح المسك ورقصنا لنور فجر يكلل راس فاس
في سوق الدباغين نسخت قصائد الرحلة على جلود طرية
وعلقتها في السماء
عل مسافر يمر فتقراه السلام
عل صبية فاسية تعبر بحناء العرس وخلخال الرمان
عل عاشق يمر ويرشقها بفل المحبة ووردة الحنان
أو عطار يطارد الزهرات على حماره الأبيض المخضب بحناء الوهم
افترشت في ساحة النساجين زرابيهم الملونة
كسندس ربيعي غارق في الأخضر
هذا الصباح ليس ككل صباحات الكون قابلتني فيه قصيدة مترعة بالحب والخيال. والجمال
طرقتني صورة من سوق فاس العتيقة علقت في فؤادي حينا من الدهر
من باب بوجلود حملت سلتي الى باب الدكاكين
لأستبدل الورد الذابل بورد المحبة ولون السماء بنجمة الظهر
في جامع القيروان صليت على رائحة النجمة الفهرية
بوميض من فيض العلم وتراتيل من شعر وسورة الماء
صدحت بها ساعة الماء العنانية
و تغنت بانفاسها جنان السبيل
و من أعماق قلبي اشرقت فاس .

يعقوب المحرقي

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى