فوز حمزة - موعد غرامي..

سألني صديقي الذي لا يقابل في غرفتي أحدًا غيري:
- ما الذي فعلته في الأيام الماضية حينما غبتُ عنك؟.
أجبته:
- كالعادة، مرت الأيام بشكل روتيني، لكن الغريب هذه المرة أنني ما أن أضع رأسي على الوسادة، حتى تتزاحم الأحلام عندي!.
صديقي هذا لا يفكر في مقاطعتي أبدًا. اكتفى بهز رأسه مشجعًا لي على متابعة الحديث، فقلت له:
- فكرت في وضع حد لهذا الهجوم من قِبل الأحلام أو على أقل تقدير، وضع برنامج ينظم سير عملية دخولها، ثم ارتأيت أن أجعل لكل يوم حلمًا خاصًا به.
- أمممم .. جميل جدًا، أكمل: أجاب صديقي.
قلت له بينما كان يكتب في ورقة أمامه أو يرسم، لستُ متأكدًا:
- أسبوع أحلامي يبدأ بليلة الثلاثاء التي جعلتها للرّحلات.
- ولماذا الثلاثاء؟!.
تجاهلتُ سؤاله، حقًا لا أعرف لماذا الثلاثاء تحديدًا، وأكملت الحديث:
- كان عليّ شراء حقائب أصغر من التي رأيتها في الحلم الماضي، كانت كبيرة ومربكة، لم أتمكن من الاستمتاع بالحلم، لذا قررت شراء حقائب للرحلات الطويلة وأخرى للقصيرة، بينما جعلت من حلم ليلة الأربعاء لاستقبال الأهل والمعارف، لقد وضعت حلمهم بمنتصف الأسبوع كي لا يتمكنوا من المكوث عندي طويلًا.
رفع رأسه مبديًا أعجابه بذكائي ثم أشار بيده كي أواصل الحديث.
- لا أخفيكَ سرًا، كنت أنتظر ليلة السبت بصبر شديد، لأنه موعد لقائي مع فتاة شقراء تضع قرطًا ذهبيًا في سرتها، لكن ما أثار غضبي حينما كنت معها في الفراش، كانت تمضغ علكة بنكهة الفراولة وتعمل منها بالونات صغيرة تنفجر فوق شفتيها، فتضحك بصوت عالٍ، وكانت تلك المرة الأولى التي أسمع فيها ضحكات أنثى في الحلم. حينما استيقظتُ وجدت فراشي مبلولًا من شدة التعرق! مع ذلك مضى ذلك النهار وأنا أشعر براحة جسدية غريبة، كأن ثقلًا كبيرًا وقع من على ظهري، فكرت في إعادة الحلم ثانية مع شقراء أخرى، لكنّي أبعدت الفكرة بسرعة، فالخيانة ليست من شيمي.
ليلة الأحد كان موعد حلم التّسكع، والذهاب لمشاهدة مباريات كرة القدم، لكن فتاتي الشقراء ولأمر طارئ كررتْ زيارتها لي في غير موعدها لتخبرني بحَملها مني. سألتها متى حملتِ ولم يمضِ على معاشرتي لكِ سِوى أيام، وكيف حملتِ مني وأنا رجل عقيم؟ طلقت ثلاث نساء قبل التعرف عليكِ!. أجابتني مندهشة: هل نسيت أننا في حلم؟!.
بعد هذه الحادثة لم أعد أتذمَّر من زيارتها لي معظم الليالي واستحواذها على أحلامي، فزوجتي على وشك الولادة. آسف!. لم أخبرك، لقد تزوجتها من أجل ابننا القادم. كان عليّ رعايتهما، حقًا أنني منشغل عنها في النهار، لكن عند حلول اللّيل، أحرص على النّوم مبكرًا لأكون إلى جانبها.
كان حلمًا عصيبًا حينما رأيتُ نفسي واقفًا عند باب صالة الولادة أنتظر مولودي الأول حتى أنني استيقظت مرتين وشربت الماء وعدت للنوم ثانية، فأنا حريص على وجودي هناك لحظة وصول طفلي للعالم!.
- هل كان المولود صبيًا أم بنتًا؟.
سألني صديقي بلهفة.
- لقد ولدتْ زوجتي سحلية جميلة جدًا بعينين خضراوين وشعر أشقر، لكن دون ذَنَب!.
في أحد الأيام سألتني زوجتي ونحن نحتفل بالذكرى الرابعة لمولد ابننا، وبعد شرائي لطفلنا دراجة هوائية وساعة يد ملونة، إن كانت تستطيع زيارتي في أحلام النهار فأحيانًا تحتاجني من أجل أشياء تخص العائلة. هل تعتقد أن بمقدوري رفض طلبها؟!. أخبرتها بإمكانها اقتحام أحلام اليقظة باستثناء ليلة الاثنين، لأني جعلت الحلم للتسوق وتناول العشاء مع الأصدقاء.كانت متفهمة حينما طلبت منها بعد أشهر التقليل من زياراتها لأحلامي، لم أخبرها أنّ ثرثرتها التي لم تعد تحتمل هي السبب!.
كانت ليلة خميس حينما زارتني زوجتي واندست إلى جانبي فوق السّرير بعدما وضعت الطّفل في فراشه، لكن شيئًا غريبًا حدث في تلك الليلة، وأرجو أن لا تخبر الطّبيب بذلك!
فتح صديقي عينيه على اتساعهما دون أن يتفوه بكلمة، شجعني منظره على إفشاء السّر، فهمست له:
- في تلك الليلة الحميمية، لمحت أنها لم تعد تضع قرطًا ذهبيًا في سرتها، بل رسمتْ وشمًا لأفعى تخرج لسانها والسّم يقطر من أنيابها. ما تفسيرك لذلك؟!.
لم يرد صديقي لإنشغاله بالنظر إلى تقويم كان أمامه. فجأة رفع رأسه ليقول: وحلم الجمعة، هل نسيته؟!.
ابتسمت وأنا أقول له: بل أنت مَنْ نسي أن الجمعة يوم عطلة!.

فوز حمزة

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى