محمد أبو العزايم - سماءٌ مَكسُوَّةٌ بالقطيفة

(1)
حدَّثَني جَدٌّ لم يُدرِكهُ زماني
_وعلى إحدى كَتفيهِ عَصاهُ_
وفوقَ الكَتِف الأخرى حطَّتْ أُمٌّ
لتمُدَّ المِنقارَ وتُطعمَ أفراخَ يمامٍ خُضرًا
بجَناحاتٍ لم ينبُتْ ريشٌ_بَعدُ_ ليَكسُوَها،
ومناقيرَ صغارْ.
حدَّثني، وعصا التِّرحالِ على الكتفِ الأولىٰ مُعجزةٌ تتَبدَّىٰ؛ ذلك أن عصًا يابسةً كانت آهِلةً
بالورَقِ الخُضرِ، وأعشاشِ الطَّير
وبالثَّمَرِ الطيِّبِ..والنوَّارْ
حدَّثَني، وأنا أشهدُ معجزةً أخرى تجري؛
إذْ تمتدُّ الكتفُ الأخرى أغصانًا
لِتُراوِحَ ما بين يمامٍ حَطَّ عليها..
ويمامٍ طارْ
حدَّثَني بيقينِ نبيًّ مُرتحِلٍ في الأرضِ،
يُحدِّثُ لا من تِلقاءِ النَّفْسِ؛
ولكنْ من وحي الأسفارْ.
حدَّثَني أن العودةَ وعدٌ ألهَمهُ اللهُ أناملَ جدَّاتٍ
طرَّزْنَ خرائطَهُ فَوق عباءاتِ نساءٍ
لا منصوباتٍ بالكسرةِ، لكنْ
منتصباتٍ كالنخلِ العالي،
وصبيَّاتٍ أبكارْ.
حدثني خيطُ الجَدَّةِ لَمَّا لاذتْ بي
لأُمَرِّرَهُ في سَمِّ خِياطٍ
ضاقَ يُحاولُ أن يقهرَ خيطَ النورِ الباقيَ
في عينينِ مقاوِمتينِ،
ويهزمَ أعصابَ يدَينِ
تَحيكانِ طريقَ العودةِ
بالخيطِ الواصلِ ما بين المقهورينَ
_إلى ميقاتٍ سيَتِمُّ_
وبين الله المقتدرِ القهَّارْ.
حدَّثني شهدٌ يَهطِلُ من عينيكِ
بأنَّ الأنهارَ على خدَّيكِ
طريقُ الشهداء إذا صعدوا
ليؤاخِيَهُم_في الفردوس الأعلى_
عسلُ الأنهارْ.
حدثني قمرٌ يطلعُ من شاهقِ عينيكِ جميلًا
ليُسمِّىَ أحلكَ ما في الليلِ
_وقد طال عليكِ الليلُ_
بَشيرَ نهارْ.
حدثني غيرُ ملاكٍ في الملأِ الأعلى للشِّعرِ
بأن أتأمَّلَ عينيكِ ووجهَ عباءتكِ النَّورانيَّ
_طويلًا_ حتى أجْتَليَ الأسرارْ.
حدثني كلُّ أولئكَ عنكِ، وعن مفتاحِ الدارْ.

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى