محمد عبدالعزيز أحمد (محمد ود عزوز) - أظنك فرح جداً...

الى بهنس


أظنك فرح جداً
حد أنك لم ترسل برقية
لأنك وجدت مأوى دائما
لم تعُد تكرش جسدك في الشتاء بحثاً عن دفء
ولم تعُد تتوسل الأرصفة
كرتونة قديمة
وقطعة قماش
وبعض الذكريات
لكنهم رثوك، تسخر أيها المُعبأ بالكدمات كالتراب الافريقي
وكالجواري العربيات
رثوك ببدلهم وكرفتاتهم الحمراء
بالكراسي الدوار وهم يتناولون الفشار في المكاتب التي تنتهي في اعلاها داعرة مرفوعة الساقين
رثوك باقلامهم الموصولة بشرايين الجوعى وبطونهم
قالوا وهم يهزون رؤسهم
( مسكين كانت تنقصه امرأة )
وهم يبصقون رائحة الثمالة
رثوك كما ترثي السكاكين اعناق الماشية بعد الذبح
بشيء من العرفان الخسيس
كما ترثي الرياح الاوراق المُتساقطة
بحفيف مُحتفل
لكنك لست بحاجة الى الرثاءآت
انت في الضيق الذي هو اكثر اتساعاً من اوطانهم
ترتدي الخُضرة والماء
يرتدون العار، واقمصة ممزقة بايدي الجوع
وانت في شبع دائم
أكثر من مزارع القمح المعلقة في البورصة
وفي مخازن البنوك
وانت ترقص وتهتز كثيراً
أكثر مما تهتز المفاتيح المعلقة على اطراف سراويلهم
اليك يا بهنس
لقد ارسلت لك كثيراً
لكن لم يصلني منك حرفُ واحد
هل انت مشغول الى ذلك الحد
هل انت جالس على البحر
ترسم الموج ازرقاً كالنسيان، وفرحاً كالشمس
هل بجوارك امرأة
لها سُرة تشبه ابواب الخلاوي، مفعمة برائحة البهجة
وفم طازج كالغفران
وفخذ ناضج كالرحمة
اتهمس في اذنك احبك
انت الذي لم يهمس في اذنك لسنين
سوى البرد والرصيف
وآذان الفجر
اتتمرن على النسيان
ام انك فقط
افترشت الذاكرة الحامضة ورُحت تتخيل الشوارع
والسياط
و هراوات الجُند
بخِسة طفولية وتبتسم
ارجوك اجب على تلك الرسالة
لقد كتبت لك رسالة طويلة لتقرأها لله
اريدك أن تخبره
أن المدينة تنزف ارامل واطفالا، وانهارا من الجوع
لقد حاولت أن أخبره من هنا
ولكن الهواتف معطلة لدينا
و هو على ما يبدو هاتفه ايضا تعطل

عزوز

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى