عامر سلمان - شمس لن تغيب.. قصة قصيرة

صباح جميل، شمس مشرقة، هواء نقي، سماء كستها غيمة بيضاء تحمل معها كفن احضرته ليلبسه الشهيد محمد، حيث جاءت بخبرها المشؤوم تبلغنا ان محمد بديوي، يدركه الموت على يد اثمة يطرقه في وضح النهار بالرصاص فيقتله بقصد اجتثاثه واقتلاعه ليفارق سخي الجود والكرم محمد بديوي الشمري اصدقاءه واحباءه، ليسكنه الله فسيح جناته في عليائه، وبينما هو مرديا على الارض مضرجا بدمه، لوحظ حركة اقدام مهرولة بجنود مدججة بالسلاح تطلق النار في الهواء من فوهات بنادقهم، وصحفيون جاءوا مهرولين ليروا ما يحدث وحينما رأواه طريح الارض صعقوا لما اصاب زميلهم وعزيزهم، لم يكمل مشهد يومه من الصباح الى المساء كباقي ايام حياته بين محبيه جميعا، محمد صاحب الوجه الابلج، اخبرتنا الغمام البيضاء بمنيته حينما طرزت كفنه ورزيته، ليس لداء ألم به وانما لجرم ابتلاه فنام بصمت غير صمت النيام، قلت للغمام البيض هل لك ان تتجاوزي عنه الرداء فقالت، انما امرت ولا راد لقضاء الله، فرجعت الى نفسي، فعلمت ان اكرم الخلائق الشهداء، واعظمهم شأنا في عيني الاحرار، هنيئا لك الجنان، ومسرح الاحرار، فرسول الموت لم اجد له سبيلا، ولا اعرف له رسولا ، فيا اخي محمدا لا تحزن انك الان تجلس بين اخيار الناس في العلياء، والموت هو الذي قد خلص من منظر هذا العالم المملوء بالشرور والاثام، الحافل بالالام، والاسقام، الذي لا اغمض عيني فيه الا لافتحهما على صديق يغدر بصديقه، واخ يخون اخاه وغني يتصدق على الفقير بفتات مائدته، وقلوب تضطرم حقدا على غير طائل، ونفوس تتفانى قتلا على لون حائل، وظل زائد، وغرض باطل، مرحبا بهذا القضاء المختبئ وراءه كل الوان الشر بعناوينه وخلاصا من الذنوب (فمن مات دون دمه فهو شهيد).

عامر سلمان – بغداد

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى