مبارك وساط (شاعر غبار الأرض ووهجِ الأفق)

أربعةٌ وثلاثون من الرّماح المُتشابكة، أيُمكنُها أنْ تُشَكِّل كائناً؟ نعم، واحِداً من المَيْدُوزيمْ. مَيْدوزيماً مُضَعْضَعاً، مَيْدوزيماً ما عاد يعرف أين يتّخذ له مكانًا، ولا أيَّ وضْعٍ يتّخذ، ولا كيفَ يُجابِه، ما عاد يعرفُ سوى أنْ يكونَ مَيْدوزيماً. لقد دمّروا «الواحد» الذي هُو من مُقَوّماته...
كنتُ غريبا في تلك المدينة ولذا آثرتُ أنْ أَحْلِقَ شَعْرِي في المَحَلّ المُسَمَّى "عند حَلَّاق الغُرباء" أصبحتُ وصاحبَه، بمرور الأيّام، صديقَيْن ومرّة أغلقَ مَحلَّه واختفى أيّاماً وحين عاد، أهداني قنِّينةَ فودكا قال إنّه جلبها لي من بلدة ما في روسيا فقد سافر إليها خلال الأسبوع الأخير لأنَّ لَه...
جوّ سبتمبر الجميل يتشرّبُ الضوضاء القادمة من وسط المدينة. من نافذة بيتي، تبدو لي سفينةٌ تُبْحِر. إنّ لها شَكْلَ قوقعةٍ كبيرة. والهضبة القريبة، كَأَنّها أضحتْ شفّافة، فهي لا تحجبُ عنّي البحر. لقد اقتعدَ سطحَها العَالي الشّخصُ طويلُ الشَّعر نفسُه، وهاهو يقوم، كالمعتاد، بحركات توحي بأنّه يقطف غيمات...
قارِبُ النّوم يَمْخُر بي عُبابَ بحرٍ أَسْودَ يُبْعدني عنْ غُرفتي في هذه الليلة الشَّتْوية الموجُ العاتي يتقاذفُه سيوفُ البرقِ، أيضاً، تَهْوِي في الأعالِي، بلا رحْمة وخَوفي يتركّز في حاجبيّ! لكنْ، فوق رأسي، أنصافُ الطُّيُور التي بقيتْ حيَّةً بِمُعْجزة تَضعُ رُضّعاً في مُهود وصَرَخاتِهِمْ في...
-1- أحملُ شارةً عبارةََ أحبّك أرجوانيةً وأجمع الهموم التي لا أجنحة لها أتسلّقُ الأشعّة الزّرقاء لعينيك وأنزل آخرَ أدْراجِ ماضِيَّ آمُر الزّوبعةَ أن تصمت وأرسمُ ثلوماً في حقلٍ غيرِ مزروع أشتري السّعادة من الفزّاعة التي من نخاع وأبيعها لمن يريدون أن يبيعوني إيّاها أمضي على درّاجة أو راكباً حماراً...
1- سياج ----------------- خلف القضبان نلمح وجهاً في حالة انتظار لفتاة شابّة تلميذٍ سجين أن تُمَرّرَ له خلسةً مع هبوط الليل رسالةً ريشةً لطائر قيق مفتاحَ الخروج إلى البراري ................... 2- عودة إلى بلدة ليسانج ------------------------ أزقّة بلد عجيب لا تزال تضجّ في رأسي السّاعات...
أَنْ نشتغل، فذلك يُشبه -رغم كلّ الفروق- أنْ يُقَدَّمَ لِرُكّاب طائرة خلال الثّواني العشر التي تفصلهم عن لحظة الانفجار صوفاً ليَغزلوه. .................................... في لحظة موتي سأُوَرِّثُ المحرومين دمعةً حين أعالج جراح الصّمت سأعلن بصوت جهوريّ عن انتصاري حين تقترب النّجوم من الأرض...
يوم جئتُ - وساط مبارك “ أنا كنت قد جئتُ إلى قرية جدّي هاته في قطار بطيء، وطيلة الرحلة كنتُ أترصّد ظهورَ تلك الصّقور في الفضاء، أعني الشّواهين الخمسة المزهوّة بتلاوين مناسرها والتي قال عنها صحافي أميركيّ في الهيرالد تريبيون إنّها أَلِفَتْ أنْ تَتْبَعَ قِطارا حتّى يَصِلَ إلى مشارفِ نهر قُرْبَ...
منذ دهر وصنَّارتي في الماء ولَمْ أصطد سوى السّأم. لا أرى غَيْرَ قوس قزحٍ ينزل وبإبرٍ ذهبية يُطَرّزُ حواشي الأمواج ولا أسمع سوى أنفي الذي يئزّ كنحلة كلما أفرغْتُ زِقّي. ثمّ خرج نديمي المساء من البحر وأقبل نحوي حاملا طَيَّ أجفانه سَمَكًا كثيرا وفي كفّيه مَحارُ طفولتي...
يحدثْ إذا ابتعد الأعمى مخفوراً بهسيس الظلام أن تنبثق من بؤبؤيه عصافيرُ برّاقة -- وأحيانًاً إذْ تتفتح عيون الطَّلِّ تتقمّص أزهارٌ شفاهَ الغواني -- ومرّةًً رأينا عراَّفين يسْملون عيون النّهار وبغامض التّعزيم يصنعون من الرَّمادِ ظلاماً --- ومرّةً فكَّرنا في المصير الأسود للطحالب الحمقاء فنما قلقٌ...
أتذكّر أيضاً ذلك الصيف. أيّام الجَدب تلك. الذين نفقتْ لهم نعجات استشعروا ما يشبه الكسور في ضلوعهم. شيوخ، من فرط الهمّ، نسوا الصناديق الصّغيرة التي كانت مستودعَ أرواحهم على ظهور حميرهم. وتضافرتْ جهود لتسلية المهمومين وبعث الأمل في النفوس، فازدهرَت أنشطة حول آبار لم تكن قد نضبتْ كلّية. من بينها...
كنتُ صيّادَ سمك وكنتُ غنيّاً أو فَلْنَقُلْ إنّه لم يكنْ ينقصُنِي شَيْء ثُمَّ ساءتْ أحوالي، بعد أن عشقتُ حياةَ الليل بغوانيها بِنبيذِها بِحُرُوبها وأصبَحْتُ سيّدَ السّاهرين وحسِبُوني جُنِنتُ حينَ بدأتُ أُرَى في منتصفاتِ الليالي ومعي شِبَاكي التي صِرْتُ أُلْقيها إلى أعلى، لَعَلّي أصطادُ ابتساماتِ...
كيف لي أن أنهي قصّة الأميرة ذات الهمّة وولدها عبد الوهاب في ليلتي هاته التي يُضيئها فحسب بُؤبؤا عصفور؟ لن أبحث عن جواب ما دامت هذه الرّيح البطيئة لم تنته من مسح العرق عن حصاني المطاطي المركون قرب النّافذة. حقّاً، كانت لي ريشات هنديٍّ أحمر حول رأسي، لكنّها سقطتْ منّي ذاتَ صباحٍ في حقل جدّي...
1 ـ هذا الصباح شوهِد بحرُ مدينتنا وهو يتحرّك بسرعة في الهواء إنه يُسافر محلّقاًً إلى حيثُ سيقضي عطلته يطفو على سطحه أطفاله ويلعبون 2 ـ هذه امرأةُ تحلق باستمرار إنها ربانةُ طائرة كانت معي في نفس الفصل لمدة سنتين أيام المراهقة وكان لصوتها جَرْسٌ مدهش علت ضحكتها مرّة فقفز من النشوة القطّ الذي...
في قاعة الاستقبال عند السّيدة دي ريكوشيه المرايا هي من حبّات ندىً معصورة المنضدة الصّغيرة مُشكَّلة من ذراع وسط اللبلاب والسّجادة تموت مثلما الأمواج في قاعة الاستقبال ببيت السّيدة دي ريكوشيه شايُ القمر يُقدَّم في بيوض السُّبَد السّتائر تطلق العنان لذوبان الثّلوج والبيانو الذي تراه العين جِدَّ...

هذا الملف

نصوص
125
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى