مبارك وساط (شاعر غبار الأرض ووهجِ الأفق)

كنتُ صيّادَ سمك وكنتُ غنيّاً أو فَلْنَقُلْ إنّه لم يكنْ ينقصُنِي شَيْء ثُمَّ ساءتْ أحوالي، بعد أن عشقتُ حياةَ الليل بغوانيها بِنبيذِها بِحُرُوبها وأصبَحْتُ سيّدَ السّاهرين وحسِبُوني جُنِنتُ حينَ بدأتُ أُرَى في منتصفاتِ الليالي ومعي شِبَاكي التي صِرْتُ أُلْقيها إلى أعلى، لَعَلّي أصطادُ ابتساماتِ...
أنا الآن في قرية جدّي أقتعد كرسيّاً صغيراً تحت حائط الجامع القديم الذي يتدلّى حواليه صبّار كثير وثمّة كلاب تقضي قيلولتها في ظلّ كومة تبن فيما تتحادث جماعة المقامرين تحت شجرة خلف الجامع بأصوات خافتة ومتوتّرة عن عبد السّلام بائع الكيف وكيف اعتقله الدّرك في الصّباح وكيف كانت الومضات تنثالُ من شَيب...
غيوم داكنة تسري في الأعالي متجهمة كأنما هي بدورها متعبة وضجرة هذا ما قلته لنفسي وأنا أسير في هذا الاتجاه ثم في ذاك إني حائر، وهذا يجعلني أضحك وأعزف على هارمونيكا خيالية حقا كانت هنالك سهرة على شاطئ المدينة الهادئ لكن ذاك كان البارحة وحقا كان هنالك تمثال ينحت فلاحين وأبقارا في قرة لكنها قرية تنأى...
كان يَمْضي عبر شارع العظام تحت مطرٍ من ابْتسامات الأشباح يُخفي جيّداً صرختَه السّرّية لا يحبّ الحياة كثيراً لكنّه لا يكرهها لقد وُلِد ذات يوم اشتدّ فيه الحرُّ على المجانين وهو يعيش الآن قرب بركةٍ يسمعها، أحيانا،ً تحكي القصص لجراداتٍ من حَوْلِها له ذاكرة حيّة: رأى مرّة سيجارةً في فم عابر بقربه...
(...) كانت السيّارات التي تمرّ قريباً منها تبدو لها، حين تُحاذيها، كأنّها تسير بسرعة مفرطة جِدّاً. لذا فقد ابتعدَت أكثر من جهة الشارع واقتربت من صَفّ البيوت الممتدّ إلى يسارها. عرفتْ في قرارة نفسها أنّ سرعة السّيّارات في الشّارع لم تكن شديدة فِعلاً، لكنْ لِمَ كان شعورها عكسَ الواقع؟ قالت في...
قصائد: 1- أين أنت ؟ أين أنتَ يا صوتيَ البعيد أنت الذي تتكلّم كما روحي مطمور تحت ضوء النهار والضّوضاء تحت الذّهب والفصول تحت تشكّيات الشارع وتململ المدن في قبر هواجسي وضحكي الأشقر بأيّ عُرْيٍ يجب أن أَلُفَّ جسدي ليجيء الصّوت الذي يتكلّم مثلما روحي؟ 2- الآبار وضعتُ حبّة البَخور تحت...
من آثار إدمان القراءة في الطّفولة الشّحنُ القويّ للخيال وشَحذه، بحيثُ يُصبِح وارداً عند الطفل القارئ بشغف أن يخرج ناسٌ من الكتب ليتجسّدوا في الواقع، وأن يدخل آخرون من الواقع ليلتحقوا بمواقعهم كأبطال في روايات مثلاً... وفي هذا الصّدد، لا أنْسى أنّي، في زمن الصِّبا - وقدكنتُ من محبّي الشعر...
نُنزِل قِرْميداً من العربة فيما على كُومَةِ الرَّمل القريبة نَحلةٌ عَطُوف تُزْجِي لنا نصائحَ بالأزيز إنْ نُطبِّقْها تَتقوَّ عضلاتُنا بالتّأكيد فنحنُ نريدُ أنْ نبنيَ مأوىً للعجوز الَّتِي مرَّتْ بنا مترنّحةً في الشّتاء الماضي واختفتْ في حَقْل العَدَس مرّتْ بنا آهِ مرْرْرْ...رَتْ مرّت بنا...
أربعةٌ وثلاثون من الرّماح المُتشابكة، أيُمكنُها أنْ تُشَكِّل كائناً؟ نعم، واحِداً من المَيْدُوزيمْ. مَيْدوزيماً مُضَعْضَعاً، مَيْدوزيماً ما عاد يعرف أين يتّخذ له مكانًا، ولا أيَّ وضْعٍ يتّخذ، ولا كيفَ يُجابِه، ما عاد يعرفُ سوى أنْ يكونَ مَيْدوزيماً. لقد دمّروا «الواحد» الذي هُو من مُقَوّماته...
كنتُ غريبا في تلك المدينة ولذا آثرتُ أنْ أَحْلِقَ شَعْرِي في المَحَلّ المُسَمَّى "عند حَلَّاق الغُرباء" أصبحتُ وصاحبَه، بمرور الأيّام، صديقَيْن ومرّة أغلقَ مَحلَّه واختفى أيّاماً وحين عاد، أهداني قنِّينةَ فودكا قال إنّه جلبها لي من بلدة ما في روسيا فقد سافر إليها خلال الأسبوع الأخير لأنَّ لَه...
جوّ سبتمبر الجميل يتشرّبُ الضوضاء القادمة من وسط المدينة. من نافذة بيتي، تبدو لي سفينةٌ تُبْحِر. إنّ لها شَكْلَ قوقعةٍ كبيرة. والهضبة القريبة، كَأَنّها أضحتْ شفّافة، فهي لا تحجبُ عنّي البحر. لقد اقتعدَ سطحَها العَالي الشّخصُ طويلُ الشَّعر نفسُه، وهاهو يقوم، كالمعتاد، بحركات توحي بأنّه يقطف غيمات...
قارِبُ النّوم يَمْخُر بي عُبابَ بحرٍ أَسْودَ يُبْعدني عنْ غُرفتي في هذه الليلة الشَّتْوية الموجُ العاتي يتقاذفُه سيوفُ البرقِ، أيضاً، تَهْوِي في الأعالِي، بلا رحْمة وخَوفي يتركّز في حاجبيّ! لكنْ، فوق رأسي، أنصافُ الطُّيُور التي بقيتْ حيَّةً بِمُعْجزة تَضعُ رُضّعاً في مُهود وصَرَخاتِهِمْ في...
-1- أحملُ شارةً عبارةََ أحبّك أرجوانيةً وأجمع الهموم التي لا أجنحة لها أتسلّقُ الأشعّة الزّرقاء لعينيك وأنزل آخرَ أدْراجِ ماضِيَّ آمُر الزّوبعةَ أن تصمت وأرسمُ ثلوماً في حقلٍ غيرِ مزروع أشتري السّعادة من الفزّاعة التي من نخاع وأبيعها لمن يريدون أن يبيعوني إيّاها أمضي على درّاجة أو راكباً حماراً...
1- سياج ----------------- خلف القضبان نلمح وجهاً في حالة انتظار لفتاة شابّة تلميذٍ سجين أن تُمَرّرَ له خلسةً مع هبوط الليل رسالةً ريشةً لطائر قيق مفتاحَ الخروج إلى البراري ................... 2- عودة إلى بلدة ليسانج ------------------------ أزقّة بلد عجيب لا تزال تضجّ في رأسي السّاعات...
أَنْ نشتغل، فذلك يُشبه -رغم كلّ الفروق- أنْ يُقَدَّمَ لِرُكّاب طائرة خلال الثّواني العشر التي تفصلهم عن لحظة الانفجار صوفاً ليَغزلوه. .................................... في لحظة موتي سأُوَرِّثُ المحرومين دمعةً حين أعالج جراح الصّمت سأعلن بصوت جهوريّ عن انتصاري حين تقترب النّجوم من الأرض...

هذا الملف

نصوص
133
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى