لقدْ أُعلِنتْ علينا حربٌ شعواء
ولسنا الطّرف القويّ فيها!
في شوارع مدينتنا رُئــيَتْ تلميذات صغيرات
يتظاهرن بالمرح وصرخاتُهنّ
تحت رموشهنّ
والمغنّي الذي كان قد عوَّدَنا
على مَرَحه ودَنْدناته
انكمش في زاوية بزقاق مهجور
حيثُ بدأ يتتبّع هَلْوساتِ عِظامِه
كما لو كانت مشاهد
في شريط سينمائي.
لكنْ جميلٌ...
ذهبتُ إلى المستشفى لرؤية عامر، صديقي الطّبيب.
وهُنالك عرضوا عليّ ميّتا وجهُه كوكبٌ صغير.
قالوا إنّها جُثّة خالي. كيف لي أنْ أعرف أنّهُم لا يكذبون؟ سأعودُ إلى زوجته!
إنّها عالمة معروفة.وقد اكتشفتْ طريقة لجعل الأشجار تشهق تحت المطر!
سألتُها إن سبق لوجه زوجها أن كان في هيئة كوكب صغير. لكنّها لم...
نمشي ونمشي
نمضي في طريقنا الممتدّة
من النّقطة المسمّاة
بسمة السّنجاب
نتّجه إلى حيثُ تقرفص الحمامة
في ريح مدينة مهجورة
أو، رُبَّما، إلى حيّ خلفي
في مدينة ينخر اليأس جدرانها
نمضي تحت سيول الماء
مخلصين للمطر
للهواء المُسِنّ
نغذُّ السَّيْر أحرارا
ما من شيء يُخيفنا
علينا، فحسب ألا نترك أحدا يكتمُ...
اِبْـقَ في بيتك فلا جديد في الخارج
أتُرَاك تريدُ أن تخرج لترى المجنون
يتأمَّل في غيمةٍ- مِرآةٍ
نِصْفَ وَجْههِ الأثير لديه
أو لترمي بحجر
الخذروف الخَرِف
الذي لا يكفّ عن الدّوران
تحت أعمدة المصابيح
أم أنّك تريد أن تلتقط صورة أخيرة
لمروحتك المسكينة التي تفكّكتْ عظامُها
بعْد أن لفظْتَها بلا رأفة...
ذو بأس شديد ، إذا ضرب البغلة بالرأس على الرأس تدمع عيناها و تترنح كالسكرانة . فتبا له من زمان راحلته بغلة هرمة ، وما لم يعد من القبح بد فالأنسب ان تمضي سكرانة . صغارا كنا نرنو الى برنوسه الاثير على مشجب الفصل الدراسي هامدا – وخيبة الصباحات الكالحة سقطت عميقا في لجة ضحكه الهادر – و ثمة فينا قدرة...
رأفةً، لم نوقظ الدّموع
المتمدّدة جنب رأسينا
وكلما عمّ الأرق أعالي الجبال
زوّدْنا الجداولَ المنهكة
بنغمات و مُسكّنات
كنا بعدُ في ربيع العُمر
فما إنْ ضَرَبْـنـا خياما
لقبيلة الرّضّع التائهين
حتى دفعتْ بنا العصافير
إلى مشارف السّـتـين
واحدٌ منها امتزج بهمسك
ثمّ طار بعيوننا فلم نعدْ
نُدرك منه إلا...
نُغنّي بألسنة الذين ركضوا
بِمُجرَّد ما وُلِدوا
فيما ثلاث غيمات
تحتضر حول رأسينا
الأمّهاتُ في هذا المقهى
أقلّ من أسمائهنّ
دخّنّا ودخنا
فمضت عظامُنا
لتؤازر أخانا المطر
أخانا السّاقط لكنّنا
نبجّله
من الدّخان صُغْنا أطفالا
دلفوا إلى بطن أم
وهناك
تلألؤوا
رغْمَ أني مُخْترع
بارومتر الآلام
فقد سئمت المكوث في هذه الجزيرة
كلّما انزاحتْ نحو السّاحل
أقول: إنّه النّسيم الهائم
كلّما بدأنا نتأمّل الشّفق، كلٌّ
في قعر كأسه
إلا وترسو قرب رؤوسنا المُرَبّعات
التي تأسر بين أضلاعها العَصافير
ويوم أُعيدت إلينا أنْفاسُ الغابة
بدأتْ أرقامنا
تـتـبَـعُـنا!..
ثمّ سقط...
أُفكّر: لِمَ كلّ هذي الدّموع
التي تتشكل خفية
تحْت أظافرنا
ولِمَ تتوجّسُ الأشْجار
من شعوب العصافير
أفكّر: يجبُ أنْ نستمرّ في السّير
حتّى الصّحراء
التي تنبت فيها المسامير
أحيانا، يبدو لي
أنه لا مبرّر لوجودي
سوى أني زاويةٌ
في مثلثِ رعشاتٍ
برْقٌ في غابة
شررٌ في عيون
الصّيف
المُعلَّمة تُزَيِّنُ بدْلَتها بِطَائر
في حجرة الدّرس تقولُ إنّ المُعادلات
اختفتْ فجأةً من رأسها حين كانت تسبح في البحر
تلميذةٌ قالتْ: ربّما أكلتْها الأسماك
فقلنا جميعا: ربّما، رُبّما
بِمُشْطٍ طويل حَمَلتْهُ إليها الرِّيح
تَفْرُقُ المعلّمة شَعْرَها من الوسط
لكنَّ من يصفّق منّا أكثر ممَّا يَجب...
حين تندلع حمى الأخيلة في ثقوب الليل، أنصِتْ للهسيس المنبعث من أعشاب عقلك
الذي ينتظر إشارة المرور إلى ضفة مأهولة بالدوار. تسمع هينمةً في مرآة تعكس ظلالا؟
إنه المجنون يقلد عظاءة روحه. لسانه فلاة يرقص فيها الحجر شرايينه تجأر بالشتائم
والهديل. ويفكر أنه نبتة قراص، أنه غيمة...
حين تعبر فراشات السهر...
(...) أمّا تظاهُري بإغلاق الباب فهو للإيهام فقط، إذْ لا ينبغي أن يلحظَ أحدٌ أنّي أتركُه غيرَ مغلقٍ بمفتاح، أيْ قابلاً لأن يُفتح بدفعة من كتف أو بركلة طفيفة، فكّر فارس، وهو يَسمع بداخل رأسه موسيقى خافتة، ما يُشبه أصواتَ أمواج صغيرة، ماضيَةٍ بمرح مكتوم صوب شاطئ ما، جميلٍ ودانٍ! (...)
فيالَحكاية...
1- ظـهـيـرة
كنتُ على وشك الغرق
في البحر البسيط
حين أنقذني بحّارة عَرُوضيون
هكذا بقيتُ على الرّمال
ملفوفا في بُغام الظهيرة
الذي تَـنْـبَجـسُ منه نمور وديعة
لقد حُكم عليّ بالتّسكّع
فبيتي الشِّعري قد جرفته الأمواج
وعليّ بمساعدة نموري
أن أبنيه ثانية
....
2- كوكب مُعربد
كوكبٌ مُعرْبد
فوق رأسي...
الأنوار شاحبة على سيقان الليل
الخطى محطمة على بلاط الشوارع
الأمواج ساكنة في جنبات الحدائق
لا شيء تغير
بعد أن هجرت هذه النافذة
حيث يضحك العصفور
هذه الغرفة حيث الماء يحيا ويفكر
والآنية مثقلة بسهادها المعدني
لا تزال نظراتك المنكسرة ورنين أساورك
شالك ولثغتك التي من بنفسج
منثورة على الشراشف المكتظة...
لم يكن مهدي، وهو الآن في العاشرة، قد وجد نفسه في تواجهٍ مباشر - وعلى مسافةٍ قريبة جدًّا - مع شخصٍ مُخيف، يَنعته الآخرون بـ"المجنون"، قبل صبيحة يوم الخميس ذاك، وفي قرية الدخَّانَة بالضبط. لقد مرّ الآن على هذا أكثر من شهر. كما أنّ عائلة مهدي عادت من زيارتها الصيفيّة للدخَّانة - القرية التي وُلد...