نُغنّي بألسنة الذين ركضوا
بِمُجرَّد ما وُلِدوا
فيما ثلاث غيمات
تحتضر حول رأسينا
الأمّهاتُ في هذا المقهى
أقلّ من أسمائهنّ
دخّنّا ودخنا
فمضت عظامُنا
لتؤازر أخانا المطر
أخانا السّاقط لكنّنا
نبجّله
من الدّخان صُغْنا أطفالا
دلفوا إلى بطن أم
وهناك
تلألؤوا
رغْمَ أني مُخْترع
بارومتر الآلام
فقد سئمت المكوث في هذه الجزيرة
كلّما انزاحتْ نحو السّاحل
أقول: إنّه النّسيم الهائم
كلّما بدأنا نتأمّل الشّفق، كلٌّ
في قعر كأسه
إلا وترسو قرب رؤوسنا المُرَبّعات
التي تأسر بين أضلاعها العَصافير
ويوم أُعيدت إلينا أنْفاسُ الغابة
بدأتْ أرقامنا
تـتـبَـعُـنا!..
ثمّ سقط...
أُفكّر: لِمَ كلّ هذي الدّموع
التي تتشكل خفية
تحْت أظافرنا
ولِمَ تتوجّسُ الأشْجار
من شعوب العصافير
أفكّر: يجبُ أنْ نستمرّ في السّير
حتّى الصّحراء
التي تنبت فيها المسامير
أحيانا، يبدو لي
أنه لا مبرّر لوجودي
سوى أني زاويةٌ
في مثلثِ رعشاتٍ
برْقٌ في غابة
شررٌ في عيون
الصّيف
المُعلَّمة تُزَيِّنُ بدْلَتها بِطَائر
في حجرة الدّرس تقولُ إنّ المُعادلات
اختفتْ فجأةً من رأسها حين كانت تسبح في البحر
تلميذةٌ قالتْ: ربّما أكلتْها الأسماك
فقلنا جميعا: ربّما، رُبّما
بِمُشْطٍ طويل حَمَلتْهُ إليها الرِّيح
تَفْرُقُ المعلّمة شَعْرَها من الوسط
لكنَّ من يصفّق منّا أكثر ممَّا يَجب...
حين تندلع حمى الأخيلة في ثقوب الليل، أنصِتْ للهسيس المنبعث من أعشاب عقلك
الذي ينتظر إشارة المرور إلى ضفة مأهولة بالدوار. تسمع هينمةً في مرآة تعكس ظلالا؟
إنه المجنون يقلد عظاءة روحه. لسانه فلاة يرقص فيها الحجر شرايينه تجأر بالشتائم
والهديل. ويفكر أنه نبتة قراص، أنه غيمة...
حين تعبر فراشات السهر...
(...) أمّا تظاهُري بإغلاق الباب فهو للإيهام فقط، إذْ لا ينبغي أن يلحظَ أحدٌ أنّي أتركُه غيرَ مغلقٍ بمفتاح، أيْ قابلاً لأن يُفتح بدفعة من كتف أو بركلة طفيفة، فكّر فارس، وهو يَسمع بداخل رأسه موسيقى خافتة، ما يُشبه أصواتَ أمواج صغيرة، ماضيَةٍ بمرح مكتوم صوب شاطئ ما، جميلٍ ودانٍ! (...)
فيالَحكاية...
1- ظـهـيـرة
كنتُ على وشك الغرق
في البحر البسيط
حين أنقذني بحّارة عَرُوضيون
هكذا بقيتُ على الرّمال
ملفوفا في بُغام الظهيرة
الذي تَـنْـبَجـسُ منه نمور وديعة
لقد حُكم عليّ بالتّسكّع
فبيتي الشِّعري قد جرفته الأمواج
وعليّ بمساعدة نموري
أن أبنيه ثانية
....
2- كوكب مُعربد
كوكبٌ مُعرْبد
فوق رأسي...
الأنوار شاحبة على سيقان الليل
الخطى محطمة على بلاط الشوارع
الأمواج ساكنة في جنبات الحدائق
لا شيء تغير
بعد أن هجرت هذه النافذة
حيث يضحك العصفور
هذه الغرفة حيث الماء يحيا ويفكر
والآنية مثقلة بسهادها المعدني
لا تزال نظراتك المنكسرة ورنين أساورك
شالك ولثغتك التي من بنفسج
منثورة على الشراشف المكتظة...
لم يكن مهدي، وهو الآن في العاشرة، قد وجد نفسه في تواجهٍ مباشر - وعلى مسافةٍ قريبة جدًّا - مع شخصٍ مُخيف، يَنعته الآخرون بـ"المجنون"، قبل صبيحة يوم الخميس ذاك، وفي قرية الدخَّانَة بالضبط. لقد مرّ الآن على هذا أكثر من شهر. كما أنّ عائلة مهدي عادت من زيارتها الصيفيّة للدخَّانة - القرية التي وُلد...
صعدتُ إلى قمّة جبل
ووجدتُني أمام كوخ صغير مُتداع
ذاك كان مسكنَ البرد
وهو يأوي إليه متى يشاء
منذ ما لا عدّ له من القرون
في مرّة قادمة
سأرسمُ لوحة وأعلّقها على بابه
البردُ على عِلّاته يستحقّ منّي
هديّة صغيرة
وها أنا الآن في هذا العلوّ
غير متوجّس من شيء
رغم أنّ أسرابَ عصافير
بدأتْ تُبرق
وجِلدَ هذه...
حديثُ العهد أنا بهذه المدينة
وعلى شاطِئِها، أرى جرّاحين
يُخْرِجون من جُمْجمةِ غريقٍ جِيءَ بِه من عُمْق اليَمّ
طحالبَ وقواقع
وبِمُجرَّد ما يُعيدونَها إلى البحر
يَقِفُ ذلك الغريق وبيديه يُصلح وضع جُمجمته
ويُحَيِّي الحُضُورَ بإشارة من جبينه.
بَعْدَها يأتي مُمَرِّضُونَ بغريقٍ جديد ويُمَدِّدُونه
في...
الغابة في بَلْطة
ثمّة مَن مات للتّو لكنّي حَيّ ومع ذلك لمْ تعدْ لي روح لم يعدْ لي سوى جسد شفّاف بداخله ترتمي حمائم شفّافة على خَنجر شفّاف تُمسك به يدُ شفّافة. أُعاين الجهد في منتهى جماله، الجهد الواقعيّ الذي لا إمكان لتقييمه بالأرقام، قبل ظهور النّجمة الأخيرة. الجسم الذي أسكنه مثلما كوخ وبمقابل...
لم أكن قد بدأتُ أراكِ كنتِ أُوبْ
لم يكن شيءٌ قد كُشِف
كانت كلّ القوارب تترجّح على السّاحل
فاكّةً الأشرطة الحرير (تعرفين) عن عُلب حبّات المُلَبّس
الورديّة والبيضاء التي يتنزّه فيما بينها
مكّوك من فضّة
وأنا أسميتُكِ أُوبْ مرتعشاً
بعدها بسنوات عَشر
أعثر عليك من جديد في الزهرة المداريّة
التي تتفتّح...
تُزْعِجُني قَصَّةُ شَعْرك يا نجمة
إنّ لها رائحةَ نعجة مُبلَّلة
لا أحبُّكَ يا قمرَ هذه الليلة
فأنت لا تتفوّه إلا
بكلماتٍ نابية
ومِنْ حُسْنِ الحظِّ أن الذين يحشِمُون بِشِدّة
هُمْ إِمَّا صُمّ أو يَغُطّون في نَوْمِهِمْ
أمّا أنتِ يا مُقَشَّرةَ الدِّهان
يا ذاتَ الجدرانِ المُصابة بِالهذيان الرُّعاشيّ...
كان ثمّة خفْقُ أجنحة يتناهى
إليّ من حديقة تتمدّد فيها فتاة
على مصطبة
الفتاة كانت رفيقةً لي في قسم ما
بالابتدائيّ
وفي تلك الأيّام البعيدة، كانت قد أُصِيبتْ
بالنّحول بسبب أوراق ميّتة
سقطت من شجرة
على ركبتيها
ثُمّ التقيتُها بعد ذلك بزمن
في محطّة قِطار
وكانتْ تدخّن كثيرا
قالت يومَها إنّها في طور...