مبارك وساط.. (شاعر غبار الأرض ووهجِ الأفق)

هذه الابتسامة التي رسمتْها شفتا العشيقة وهي تتحدّث عن السّكين الهائم على وجهه في ضواحي المدينة ربّما تكون من باب استحسان طريقتي الجديدة التي تُسهّل نُطْقَ كلماتٍ كانتْ تستعصي على الألسنة فلا تُلفظ إلا بعد أن تَدْمَى الشّفاه وعلى العموم تكون البسمة نتاج مصادفة محضة من الصّنف الذي يجعل قطرات...
ككلِّ مساء، يرى الطُّيور المراهقة تتملَّى صُوَرَها في مَرايا البحر، ونصالَ الشَّمسِ تحْتزُّ أعناق سُحُبٍ في هيئة ذئاب يرى السَّاعات الرَّتيبة تأكلُ قمحَ عينيه يَذْكر أنَّه كلَّما قطع أنهار النّوم الشَّاسعة في سفينة الأجداد استيقظَ في غابة تضجُّ بهديل طفولته المُرصَّعة بالنَّيازك بزئير شجرة...
أثناء مرورنا وسط الأشجار، أَزَحْتُ ستائرَ عن أعشاش، وابْتسمْتُ للعصافير ، فأبْدَتْ بَرَمَها... مع ذلك أنا فرحان. مارية التي لم تنم جيّدا البارحة تبدو مرهقة. ثمّ ها صديقتُها القديمة، الفراشةُ ذات النّظرة التّائهة، تتوقّف قُرْبَ طاولتنا تُقدّمُ لها أقلامَ رصاص ومارية لا تُخرجُ من جِزْدانِها...
هذا الصّباح، لاحَـقـتـني على امتداد شارع السّنجاب - حيثُ، دَوماً أقوم بنزهتي- شجرة ذاتُ أنفاس حَرَّى ذاتُ قوائمَ وبريق عين وحين ابتَسَمْـتُ اِنقلبتْ شجرة عادية لها جذورٌ وعصافير! يا أنا يا أنا ها هي خلفك الآن فإذا غنّيتُما معا سيُغْمى على الغيوم! وأثناء الظّهيرة، كُنْتُ أمشي على الشّاطئ وكانتْ،...
(حلم) ــــ ــــ ـــ ــــ قارِبُ النّوم يَمْخُر بي عُبابَ بحرٍ أَسْودَ يُبْعدني عنْ غُرفتي في هذه الليلة الشَّتْوية الموجُ العاتي يتقاذفُه سيوفُ البرقِ، أيضاً، تَهْوِي في الأعالِي، بلا رحْمة وخَوفي يتركّز في حاجبيّ! لكنْ، فوق رأسي، أنصافُ الطُّيُور التي بقيتْ حيَّةً بِمُعْجزة تَضعُ رُضّعاً في...
يَتَطَلَّعُ إلى شَمْسِ هذا الصَّبَاح إنَّها صغيرةٌ ما تزال، يقول في نفسه من الخطأ، ولا شكّ، أن تكونَ قد اعتُمِدَتْ في هذه السِّن المبكِّرة شمساً فِعْلِيّة. إنَّه يراها الآن مُجرَّحة الخَدَّيْن مُعَفَّرة الجبِين يَسْألُ: هل عُدْتِ مُجدّداً إلى شَقَاوَتِك وتَجَرَّحَ خدّاكِ في مُشَاحَنَات...
زُرْقَةُ هذا النَّجْم - وقد كان صديقَ طفولتي ولطالَما حرص على إضاءَة طريقي أثْناءَ عودتي ليلاً من السّينما - هِيَ بالتّأكيدِ مَرَضِيَّة لقد سَاءَتْ حالتُه كثيرا هذا ما أكَّده لي طبيبٌ مُخْتَصّ في الجهاز التنفُّسِيّ وعالِمُ فَلَك وما هَمَسَتْ لي بِه امرأةٌ في بُسْتان تبيّنَ لاحقا للشُّرطة...
عَامِلُ الكهرباء ذاكَ وزوجتُه اللذَان كانا يشربان كثيراً في الحانة الوحيدة على شاطئ البحر، يُردِّدان أغانِيَ لجِيمْ مُورِيسُونْ، ويقولان، بحزن، إنهما ربَيَا سفينةً صغيرة لكنَّها أبحرتْ ذاتَ ليلة ولمْ تَعُدْ رأيتهُمَا أنا وشخصٌ ذو جبينٍ أحمر، قبل لحظات، واقِفَيْن بداخل سكّة القطار يحيط بهما...
خَلف نافذتي المرصَّعة بالبروق تقصفُ أجنحةُ الفجر نُجيماتٍ وليدة . في الحُقول المُنهَكة حيثُ تتناجى بُقَعُ دَمٍ وأزْهار يرسم بحَّارٌ مسلوخ أشرعةً ومجاذيفَ على صفحة جِلْده المتهدِّل ويُحَدِّق عرَّاف بعينيه الزّجاجيتين في غُضون إلهٍ مُحنَّط بينما يتدلَّى جنديٌّ باسماً من المشنقة . أولئك أَسْلافي...
وكأنَّها الأبديّة محمولةً بين مخالب نسر: كلُّ هذا البياض المُدَمّى . وكأنِّيَ الامتدادُ الحيّ لزوبعةٍ غامضةِ النوايا . أألتفعُ بِحرير الشمس وأُصيخُ السّمع لهذا النَّدى الذي يَموء في حِداق الخُزامى . أأحْدُو النَّسيم إلى مسقطِ رأسه خلال هذا النَّهار الأكثرِ خضرةً من كارثة أم أبقى في هذه الغرفة...
لمْ أنصبْ فخّاً لطائر نِمتُ قليلاً جنْبَ شَجرة وانْغرسَ حُلمُ الطّائر حتّى أسافلِ جذورِها أحْلامي أنا مُشَـتـتـة في الآبار وثمّة عينٌ تجوس دائرةَ الصّفر نفسه الذي رَسَمَتْهُ أنْفاسي أمضي في سبيلي الوَعْر وإذا ما تعثّرْتُ وسَـقَـطْت يَبْعـثُني الضّحكُ واقفاً حتّى الغيمة التي كانتْ أمّي قد...
طُول الوقت كان الموسيقيُّ يَعزف بحركاتٍ تُشبه تمارينَ المطر والبهلوانُ يترنَّح في الأعلى... لم يكن أحدٌ ليرفع عقيرته لم تكن كفٌّ لتوقظَ الأشجار المُسرنِمة في المرايا على جُثَتنا الطَّافية فوق لعابها تناثرتْ بِدافع الشَّفقة وُرود الشَّفق وبدا الحُضور سَاهمين فهم، لا شك، يُفكِّرون في عذاب...
يُطلقون العنان لأنفاسهم، وينتظرون الأوتوبيس، ومِنْ حولهم الهواء بارد ومُغَضّن، ويثير الرّيبة. تدبّ الرّعشة في الأجساد، بسبب رائحـة قوس قزح، وتُقضقض أسنانُ الهيكل العظمي المركون مع الدراجات إلى جدار الفنــدق القريب من النّهر...
آثرَ في هذه السّنة أن يُسَمّد حقلَه بالكلام ولأنّ له لساناً أصبح لا يكفّ عن الثّرثرة - منذ أن فتنتْه امرأة في السوق الأسبوعيّ- فالسّمادُ إذنْ وافِر والحقل سيُخصِب ولا شكّ والغلّة ستكون عظيمة حقّاَ، هو لم يكن قد رأى من تلك المرأة سوى صفّي أسنانها وبينهما قطعة بطيخ مديدة لكنْ سوف يُفعِم الفرح...
كيف لي… ـــــــــــــــ كيف لي أن أنهي قصّة الأميرة ذات الهمّة وولدها عبد الوهاب في ليلتي هاته التي يُضيئها فحسب بُؤبؤا عصفور؟ لن أبحث عن جواب ما دامت هذه الرّيح البطيئة لم تنته من مسح العرق عن حصاني المطاطي المركون قرب النّافذة. حقّاً، كانت لي ريشات هنديٍّ أحمر حول رأسي، لكنّها سقطتْ منّي...

هذا الملف

نصوص
120
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى