منذر ابو حلتم

غريبة كانت تلك الظاهرة الجديدة .. فالوجوه تلتصق بالمرايا .. تتشبث فيها .. تحدق في اصحابها بنظرات ساخرة .. ثم تقفز محلقة في الهواء .. الغريب ان كل من سرقت المرايا ملامحه اصبح بلا وجه .. ففي تلك الجهة الامامية من رأسه اصبحت تمتد مساحة فارغة بلا ملامح تشبه وجوه التماثيل الحجرية العتيقة .. البعض...
كم كان حزيناً ذلك الممثل الوحيد .. كم كان حزينا وهو يؤدي كل ادواره الصامته ..! يموت ويحيا .. يمارس كل جنون الحياة .. ينادي خيول المستحيل .. كم كان حزينا ومهدودا .. ومتعبا لكن وجود المتفرجين ( على صمتهم ) .. كان يبث في شرايينه نشوة الانطلاق وحدك الآن .. وحدك … وحدك ..! هرب الممثلون...
أمشي على جسدي اليك حبيبتي وأنا اعانق وهج قلبك والغيوم القادمة .. أمشي على جسدي وأعلن باسم وجهك ان قلبينا سفينة .. والمرافئ كلها تدعوك نجوي كي نحلق كالنوارس نحو شطآن الوطن أمشي على جسدي وأهتف للعيون السود في بلدي لبسمتك الرقيقة للسنابل للجداول للحكايات التي كنا نرددها وأعود أنشد للبيارق لم تزل...
صعودا .. صعودا نحو حدود الافق البعيد .. صعودا .. يطرق الموتى نوافذ السماء قد طغى الليل .. يقول رسول الموتى اما من شمس بين ركام العتمة هنا ….! وما من جواب …! صعودا … يمتد جسر من الاجساد نحو غيمة لا تعرف المطر اما من قطرة ماء .. ؟ يتعالى الصراخ في وجه السحاب صعودا ….صعودا .. وليس ثمة...
رأيت فيما يرى المستيقظ بحرا تحاصره الصحراء .. ورياحا تثقل كاهلها سحب الغبار … رأيت فيما يرى المستيقظ .. شمسا تنشر العتمة في سراديب الصباح .. وحقول الشوك مسيجة يحرسها الذئب .. وعلى المدى تبعثر الريح ما تناثر من جثث الورد .. رأيت فيما يرى المستيقظ .. لصوصا يقيمون الحد على الشرفاء .. ومومسا تعظ...
لا تفكر .. فقط احن رأسك فنحن نفكر عنك ... نحب عنك .. ونكره عنك .. وعنك نقرأ .. وعنك نكتب واذا رغبت .. فعنك نصلي .. وعنك نثور .. وعنك نغضب .. حاذر ان ترهق فكرك ... قد تفقد دون ان تشعر .. رأسك .. ضع فوق عقلك كمامة فوق عينيك .. اذنيك ... فمك .. وصوتك .. حول كل شيء .. فنحن الحماية ونحن الامان ...
قراءة بقلم : منذر ابو حلتم * ملامح .. اسم كتاب صدر حديثا في اليمن الشقيق .. للكاتبة الشابة رنا نائل .. وقد كان ان ارسلت لي الكاتبة كتابها مخطوطا قبل نشره لابداء الراي ..ولكتابة تقديم للكتاب قرات مخطوطة الكتاب ..وعرفت انني امام كاتبة حقيقية تتقن الغوص في اعماق الانسان وسبر ملامح روحه رغم سنها...
وحدها الجدران تختصر الحكاية تفرض صمتها الحجري على همس الظلال تتقافز الريح كطفلة شقية فتداعب أغصان الصنوبر زجاج النافذة العتيقة .. هو الخريف حين تسكب أوائل الغيم على المساءات أكواب النعاس وحين تضيف العصافير إلى اعشاشها ما تيسر من قش جديد كي تصد الريح .. ! ** ** ** محزن أن التماثيل لا تشرب...
وأفتح باباً .. فأعثر في العتم على ألف باب وفي كل صوب يحاصر خطوي باب .. فباب .. وباب .. وباب أليس في الكون هنا يا الهي .. في كل درب سوى أبواب ؟ كل المفاتيح غدت من زجاج فكيف أمُر الى حيث أمضي وكيف أميز زيف السراب ؟ وأشعل في الليل شمعة نور فتُطفَأُ في الريح كل الشموع تحاصرني الريح في كل باب تزمجر...
في الليالي المقمرة تتسامر السفن العتيقة تتقارب ظلالها على مهل فتنقل الريح ما تناثر من همسها بين الرمال تنبض منارة من بعيد .. تتنهد الريح في شقوق الأشرعة وتهم الصواري بالنهوض .. تنفض مرساة عن أطرافها خمول الرمل .. يغني شراع في مكان ما اغنية عن موج وعاصفة فتردد كل الصواري اغنية البحر والسفر ...
نعم ..اغار من المطر ! ذاك الذي بلا وجل .. يلامس خدك الوردي .. لا يخشى من الخطر .. نعم .. اغار من المطر .. يأتي على خيل الرياح يبلل شعرك الغجري مزهوا .. كما القمر .. نعم اغار من المطر .. ان جاء ليلا كي يدق النافذة و يحوم حولك في الظلام يهز اغصان الشجر .. اتراه يوقظ مقلتيك ؟ وتجلسين وحيدة مع...
كان يجلس في مقعده في مقدمة الباص .. ينظر من النافذة متأملاً حركة الناس والسيارات في الشارع المزدحم .. الجو حار .. والشمس مسمرة في وسط السماء ، تصب لهيبها على الرؤوس .. وضع العكازين المعدنيين بجانبه أسفل المقعد ، ونظر إلى ساعته .. انها الثانية والنصف .. بقي مقعدان فارغان فقط لكن الباص لن يتحرك...
المطر يتساقط بشدة .. وها أنا أسير في الشارع مبللاً كقط مشرد ، والماء قد دخل إلى حذائي .. فأصبحت عملية المشي أمراً مزعجاً وباعثاً على السخرية . لفحات متتالية من الهواء البارد الممزوج بالمطر تصفع وجهي فأندم على خروجي في مثل هذا الوقت .. الليل يزحف ببطء وتثاقل على المدينة .. كثير من المحلات...
كانوا يحيطون بك .. ينظرون إليك بحب وألم ، وأنت ممدد على أارض المغارة . يتحركون جيئة وذهابا" .. تحاول أن تبدو طبيعيا" .. لكن الألم شديد .. شديد جدا" ، وعرق بارد غزير يغطي جسدك المرتعش . تمد يدك ببطء .. تتحسس ساقك ، خدر عميق يتسلل إلى كل جسدك .. وهذه الرعدة اللعينة .. إنك ترتعش ، تحاول أن تتمالك...
يبدو أن الصيف قد انتهى فجأة .. ففي الأمس فقط كان الشارع دبقاً حاراً ، وتحت أشجاره القليلة الجامدة كالتماثيل ، كان يتجمع الناس في انتظارهم للباصات وسيارات الأجرة .. نعم .. يبدو أن الصيف قد انتهى ، فها هي ريح أواخر أيلول تحرك أغصان الأشجار بقوة .. وغيوم داكنة تمتد شيئاً فشيئاً لتغطي المساحة...

هذا الملف

نصوص
54
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى