السي حاميد اليوسفي

اعتاد والدي، رحمه الله، أن يذبح ديكا روميا كبيرا، احتفالا بليلة يناير (السنة الفلاحية) التي تتزامن مع أعياد ميلاد السيد المسيح عليه السلام. ويستضيف في بعض الأحيان أفرادا من العائلة. رغم أننا كأطفال لا نحب لحم الديك الرومي، فقد وجدنا في هذه المناسبة فرصة للتواصل والضحك واللعب إلى وقت متأخر من...
وقف الأطفال يتباهون مع بعضهم البعض بالحديث أين قضوا العطلة الصيفية؟ قال طفل بغضب ، وهو يرد بعنف على أحد أبناء الجيران : ـ نحن أيضا سافرنا في الصيف إلى جليز*، وقضينا العطلة في فيلا أختي. نظر إليه الأطفال باستغراب، ربما سخروا منه في صمت، خوفا من أن يتحول الحديث إلى مشاجرة غير مضمونة العواقب. لم...
كنا ثلاثة طلاب ننحدر من وسط فقير ، لا يمكن أن نؤدي أكثر من مائة درهم للفرد . كراء بيت بسومة ثلاث مائة درهم للشهر ، لم نعثر عليه في السنة الثانيةإلا بعد أن نشف ريقنا ، وفي حي الملاح ، وهو من الأحياء الفقيرة بمدينة فاس . قدري دائما أن أعيش التناقض والمفارقة . شمال الحي قرب المدخل يوجد القصر...
وشم في الذاكرة الحليب كان العام الأول بمدينة فاس عاما صعبا ، خاصة في مستهله . بدا أن الأمر يحتاج إلى وقت لكي يتكيف الإنسان مع أمكنة جديدة وغريبة ، خاصة وأنه لم يطلب التسليم من أهل المكان ، كما يفعل العقل التقليدي . تذكرت بداية السبعينات من القرن الماضي والحليب لازال مشروبا أرستقراطيا . لابد...
1 جلس في المقهى، وطلب كالعادة فنجان قهوة. لم يفرغ من احتسائه حتى مرّ من أمامه حشد من الأطفال يضحكون، ويجرون خلف ذكر وأنثى من الكلاب متلاصقين، ويرمونهما بالحجارة. فجأة قفزت إلى ذهنه واقعة شغلت الناس، وأضحكت الكثير منهم، لكنها كانت بين رجل وامرأة من أعلى الهرم الاجتماعي. لم يكن هناك انترنيت، ولا...
قضيت أربع سنوات في مدينة فاس . سكنت في ثلاثة أحياء لا يشبه بعضها بعضا . ممر الورود في طريق عين الشقف وهو من الأحياء الراقية ، حي المرينيين (الملاح ) وهو من أفقر الإحياء ، ثم حي الصبليون. في حي الصبليون عشت أحداثا جميلة . يقع الحي على هامش بولفار محمد الخامس الممتد حتى ساحة لافيات ، ثم شارع الحسن...
أقسم حتى (يحرڭ) إلى أوروبا. في كل ليلة يحلم نفسه في دولة. يبحث عن عمل في الصباح، ويعثر عليه في المساء، ويلتحق به في اليوم الموالي. يمكن أن يعمل أي شيء. سمع بأنه حتى غسل المراحيض، وتنظيف الشوارع يؤدون عليه أجورا أعلى مما يتقاضاه أساتذة جامعيون في وطنه. الكثير من أبناء القرية حصلوا على شواهد عليا،...
يعتقد عبد الله بأنه مواطن صالح، قَيَّدَ حياته داخل مثلث البيت والدكان والمسجد. لا يدخن ولا يشرب ولا يزني ولا يرافق أشرارا. قال له والداه الآن كبرت، ولا بد أن تُكمّل دينك. سألته أمه هل سبق له أن وضع عينه على فتاة أحلامه، أم يتركها تختار له واحدة من بنات الحي ؟ وإذا كان قد ارتبط بإحدى الفتيات،...
سألت عائشة جارتها هنيّة : ـ هل سمعت الشريط الأخير للفتاة التي يقولون بأنها صحفية ، وتُطل على الناس كل يوم في (الفايس بوك) ، تشتم هذا الوزير ، أو تسب ذلك القيادي الحزبي ؟! قبل أن تردّ هنيّة ، التفتت يمينا ويسارا ، حتى تأكدت بأن لا أحد قريب من المكان ، يمكن أن يسمع ما تقول: - والله إنها تشفي لي...
حاميد اليوسفي قصة قصيرة تماهى (القائد) مع الظل ، ووقف يُدير العرائس من خلف الستار . خرج (المثقف)* من المرحاض ، فسقط القلم من يده . اقتنى بعض الأقراص المهدئة ، وسيارة فارهة ، ودُمية وضعها فوق المكتب . وهو في الطريق إلى غرفة النوم ، انهار وسقط أمام الباب . صحفي يضع شارة الأمن بين أوراق نقدية في...
يعود تاريخ الصورة إلى أواسط الثمانينيات من القرن الماضي ، وهي مأخوذة من داخل البيت الذي كنت أسكنه بعد العودة من السوق ، بآلة تصوير تعود لملكية الطايع ميلود . وهو من الأصدقاء القلائل الذين كانوا يتوفرون على آلة تصوير بالمنطقة في هذه الحقبة . وما يهم فيها هو الكوفية الفلسطينية ، الذي كنت أسميها مع...
توقف عبد السلام في محطة الوقود . رفع بصره للوحة كتب عليها الثمن بأرقام إلكترونية بارزة . بدا له الرقم 18 درهما مثل رصاصة أطلقها جندي لا يجيد التصويب ، فاخترقت الجيب . قال في نفسه الحمد لله أنها أصابت الجيب ، ولم تصب ما بجواره . الجيب إذا تمزق يُمكن رتقه ، لكن إذا أصيب ما بجواره ، فستندلع حرب لا...
رأيت النور في القرية ، أكبر أحياء المدينة وأفقرها . كل يوم ننام ونستيقظ على جريمة . والدي ينهض مع الفجر ، يُصلي ويذهب إلى السوق . يشتري النعناع ، ويحمله خلفه على الدراجة ، ويطوف كل الأزقة والدروب ، ولا يعود إلى البيت إلا بعد صلاة العصر . تفتح له أمي الباب ، ويناولها كيسا من الليمون . أجري نحوه ،...
هذه المرأة خطيرة. تُطلق البخور، وتذبح دجاجة، وترفع يديها إلى الأعلى، وتُغمض عينيها، وتُمتم بكلام غامض، فتُرقّص الحجر. كل النساء يخفنها. بالأمس زارتها زهرة زوجة العربي، وقدّمت لها ديكا وعشرين درهما، وعشرَ بيضات. طلبت منها أن تضع (الفتوح)* في الداخل حتى يأتي مَلَكٌ من أهل المكان ، فيأخذه لصاحبه ،...
سآتي من الآخر . أنا لا أحب القطط ، ولا أحب الكلاب . ولم يسبق لي أن ربيت أحدهما ، أو تعاملت معه بلطف . عندما كنت طفلا رميت الكلاب بالحجارة مثل باقي أطفال الأحياء الشعبية ، وقذفت القطط برجلي كلما مرت من أمامي . هذا ما أعطى الله ! بلا نفاق ، وبلا زواق . عندما قرأت خبرا حول بحث برلمانية مغربية عن...

هذا الملف

نصوص
187
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى