السي حاميد اليوسفي

جلست عائشة تنتظر مسلسلها المفضل.. لم تصدق ما سمعته في الأخبار.. بقيت تحملق في شاشة التلفاز.. منظمة فلسطينية صغيرة تمتلك أسلحة بدائية، تفعل كل هذا بأقوى جيش في الشرق الأوسط.. الجيش الذي سمعت بأنه يحارب وهو نائم فوق الفراش، أو يشرب القهوة في الصالون، تقع له كل هذه البهدلة.. رغم ذلك لم تُخف...
"أم البدايات أم النهايات. كَانَتْ تُسَمَّى فِلِسْطِين. صَارَتْ تُسَمَّى فلسطين"(1) *** أمام فظاعة ما يجري في فلسطين المحتلة، تجد نفسك عاجزا عن فعل أي شيء.. تجلس أمام التلفاز، تبلع الأخبار ممزوجة برائحة الرصاص.. غبار المباني المقصوفة بأحدث أسلحة الدمار يغطي الشاشة. امرأة تحمل رضيعا، وتجري في...
الغالية لم يسبق لها أن ظهرت في شريط فيديو.. لأول مرة ستقف أمام الكاميرا، وتُدلي بتصريح.. لم تسمع سؤال الرجل الذي قدم لها الميكروفون.. اعتقدت أنه يعمل في التلفزيون.. وأن الشريط سيمر في نشرة الأخبار، ورسالتها ستصل إلى العالم أجمع.. بعد الزلزال الذي ضرب المدينة، تفقّدَ رجال السلطة مصحوبين ببعض...
خرجت هنية وابنتها رجاء ليلة الزلزال الذي ضرب مدينة مراكش في حالة من الذعر والرعب، يجريان بلا عقل.. هرعا إلى الخارج حافيتا الأقدام، وبثياب النوم فقط.. قضيا الليلة مثل باقي الناس في شارع أحد الأحياء الفقيرة.. قلب هنية على البيت، لم تفكر في إغلاقه بالمفتاح.. سمعت من قبل بأن اللصوص ينشطون في وقت...
تعب عبد الله العجوز من التنقل ببن المنازل التي دمرها الزلزال في القرية.. كل شيء تحول إلى دمار.. الجبل وأشجار الجوز وحدهما بقيا شامخين. جلس فوق هضبة مرتفعة بجانب الطريق يتأمل الخراب الذي سوى بيته مع الأرض.. لم يستيقظ بعد من الصدمة.. أغلب من سلم من نسله، أنقذته فرق الإغاثة صباح اليوم الموالي. لقد...
يومان بعد الزلزال، لم تبارح امي الباتول نشرات الأخبار في المذياع. ترفع صوت الجهاز، وإذا فاتها خبر، تقلب الموجة، وتبحث عنه في إذاعة أخرى. وفي المساء تشاهد التلفزيون رفقة زوجها السي عبد الله كما تحب أن تناديه.. تسأله وتُعلّق بين الحين والآخر على ما تتابعه.. عندما يبيت عندها ياسر حفيدها، تطلب منه...
بعد تناول القليل من الطعام، جلس عبد السلام أمام التلفاز رفقة أسرته الصغيرة. فجأة مادت الأرض، دوّى صوت مثل الرعد لا أحد يعرف مصدره، هل قدم من أعلى أم من أسفل؟؟ اهتزت الجدران، وانقطعت الكهرباء.. احتمت به الزوجة والأبناء.. الجميع يطلب اللطف من الله.. بعض الأواني سقطت وتكسرت في المطبخ، وزاد صوتها...
ذهبت لينا إلى صالون الحلاقة، وقررت أن تحلق شعرها حتى يلمع رأسها مثل حبة البصل. لم تفكر في العواقب. هي حرة تفعل في نفسها ما تشاء. تعرف بأن زمن الشعر الأسود الطويل موضة قديمة، ذهبت إلى غير رجعة. كل شيء يمكن اليوم تعديله أو تزويره بالمال. لون الشعر وطوله، الوجه والبشرة، الشفتان والمؤخرة... لو عاش...
كان الناس يسمعون عن صواريخ سكود في إذاعة البي بي سي إبان حرب أكتوبر، على انها صواريخ من صنع الاتحاد السوفياتي، وأنها بعيدة المدى، وتُحدث دمارا كبيرا. ثم نسي الناس هذه الصواريخ حتى غزا صدام حسين الكويت. وعندما حاصر الغرب بقيادة أمريكا العراق، أطلق صدام بعض من هذه الصواريخ على إسرائيل. وقد زاد...
الأمازيغ ينادونها ماتيا، والعرب زهرة. في المدرسة كانت تطرب للاسمين معا، ولا تفرق بينهما. اليوم تجلس وحيدة في فناء البيت. زوجها يوسف هاجر إلى الجنوب للبحث عن شغل مثل أغلب شباب القرية. عندما يطول النهار في فصل الصيف، يعمل في أوراش البناء. المقاولون مثل البق، لا بد أن يمتصّوا دمه أكثر من اثنتي...
وقف الشيخ حمدان وسط الحلقة بعد أن التفّ حوله جمهور قليل من المسنين. قبل ظهور الهواتف النقالة كان يُحس نفسه يجول ويصول كعراف يُحلق بأجنحة بيضاء بين العوالم من غير حدود. يطير من الحاضر إلى الماضي أو المستقبل من غير أن يشعر به من يستمتع بحكاياته. اليوم لم يعد أحد يهتم بما يغزله من قصص، تُوقف الشعر...
لا حديث للناس في مراكش إلا عن الصهد. عاصفة رملية تجتاح المدينة. عندما تمتزج كثافة الغبار بقوة الرياح الساخنة، وتسقط الأمطار، وتتهاوى الأشجار، ويتحول النهار إلى ليل، والناس تطلب اللطف من الله، يصبح الجو حامضا إلى حد القيء. الأخبار تنقل بأن شجرة سقطت على رجل بعرصة البيلك فمات. قال عبد الله وهو...
لا حديث للناس في المقاهي والبيوت إلا عن قرية في عمق الجبل. قيل بأن سكانها يعيشون مائة وأربعين سنة، ولا تعرف الأمراض إلى أجسامهم سبيلا. بعد هذا العمر المديد، يموتون واقفين مثل الأشجار. عبد السلام النحيلة كما يلقبه أصدقاؤه، قرر أن يتأكد من هذه الحقيقة بنفسه. قد يعثر عند هؤلاء على وصفة سحرية لوقاية...
أطلقوا عليك أوصافا كثيرة. ألطفها وأخفها وقعا على نفسك: (اللويّن)*. هكذا بدأوا ينادونك عندما اشتد عودك. قبلت بالأمر على مضض. بدت الكلمة أقل إيلاما من غيرها. عانيت كثيرا وأنت طفل مع لونك. أطفال الجيران ينادونك ب(القلاّوي)* ويهربون. وكلما أدركت أحدهم وسلخته، تأتي أسرته إلى البيت تُرغد وتُزبد...
ـ الزعفران الحر.. الزعفران الحر.. جاء الصوت قويا من الخارج. نهضت مسرعا، حتى لا يبتعد، أو يختفي في أحد الأزقة المجاورة. فتحت الباب، وناديت على البائع الذي تجاوز البيت بحوالي عشرة أمتار تقريبا. نحن في شهر يناير. الطقس في هذا الوقت شديد البرودة. كل الجبال المحيطة بقرية (بومالن دادس) مكسوة بالثلوج...

هذا الملف

نصوص
210
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى