أمل إسماعيل

لا أذكر في طفولتي سماح أمّي لي ولأيٍّ من إخوتي بمرافقة أطفال "الفريج" للمشاركة في حق الليلة. تجتمعُ الفتيات في نهاية اليوم الدراسي للحديث عن مغامرات حق الليلة، يتفقن على ميعاد اللقاء ونقطة الانطلاق، فأنصت إليهن في حسرة طفلةٍ فضولية راغبة في الانطلاق واستكشاف العالم من حولها، قبل أن أومئ بالنّفي...
أعدُّ كلَّ واحدٍ منكُم أعرفِكُمْ كما أعرفُ باطنَ يَدِي أصابعي تُشيرُ إليكُمْ وحين أُطَقْطِقُ العُقَلَ أسمعُ صَريرَ أنفاسِكُمْ آتيًا من جُحورِ الجُبنِ؛ الجُبن الذي تتقاسَمونَهُ في خِزْيٍ لأنّ الذّئابَ قطَعَتْ عنكُم الأمَل وعاثَتْ في كرامَتِكُمْ فَسادًا مُسوخَ بشرٍ بلا أسماء...
هذي البلادُ في عَينيَّ ألا تَرى! تُبنى البِلادُ من صُوَرِ البِلادِ بالفسفورِ أكَحّلُ عينيَّ فأَرى.. الرّضيعَ يستشهدُ اسمَهُ ولا يموت الأمَّ تعُضُّ على حُزنِها ولا تَجوع الرّجلَ، شَعرُهُ الأبيضُ ركامٌ على رأسِه يحفرُ.. ينبشُ.. يُنادي، ولا يُقهَر. الولدَ، يَقبضُ الغَضَبَ جَمرةً في كفّهِ، ويحلُم...
إنه فيلم يتحدث عن النكبة، عال! سنشاهد الكثير من اللقطات الدموية، قتل، اغتصاب، تفجيرات، رصاصٌ يسابق الريح نحو أجسادِ الفلسطينيين العزّل، جنودٌ صهاينة عديمو الرحمة، وجوهٌ كالحةٌ، مؤامرةٌ مُبيّتةٌ لفلسطين وشعبها منذ وعد بلفور المأفون. لا، إنه فيلمٌ يروي قصة طفلة. طفلة فلسطينية قرويّة تحلم بمتابعة...
تحملُ الأرضُ البنادقَ تُقبّلُ الرّصاص أحملُ شفتَيكَ ولا قُبلةَ تشقُّ سماءَ الحربِ الدّمُ يسيلُ على العُشبِ على الثّوبِ على الحُلمِ... لا الحقلُ يُزهِرُ لا الأمومَةُ لا الغدُ... الحِملُ ثَقيلٌ يا ابنَ الأوامرِ التي تُبذرُ في آذاننا كالقمحِ أحملُ شفَتيكَ ولا امرأةَ تُغنّي باسم حبيبها ليعودَ زِحامُ...
كانت يدي، تلك التي رسمتُها أول مرة، لا، لستُ رسّامة بارعة، ولم أفكّر حينها في لوحة خلق آدم لمايكل أنجلو لأشرع في خلق يدٍ على ورقة! إنها مجرد يدٍ حطّت على ورقة بيضاء أحسَنَت غواية قلم رصاصٍ يتمدّد باستسلام إلى جانبها. انتهيتُ إلى رسم يدٍ أطلقَت أصابعها في الفراغ كأنها تتسوّل حكاية، أو توشكُ أن...
الوَحشةُ سائلٌ يُحقَنُ في وريدِ الوقت يتمدّدُ كأفعى، أملٌ مسمومٌ أملس يُقنعكَ بأنّ الحياةَ بهيّةٌ والأصدقاءَ على مدّ البصر * الوحشةُ كرسيٌّ مدولَبٌ عصيٌّ على التوجيه؛ ابتعد/ لا تبتعد هَلُمَّ/ لا تأتِ! حرِّكْ مفاصلَ كلماتكَ لنْ تموتَ روحُكَ في غيابها، تصدأُ، لكن.. لا تموتْ! * الوحشةُ عكّازٌ...
كم تبقّى للصّالحين من جَمَراتٍ يخبّئونَها في الأكُفّ؟ النارُ لا تلسعُ إلا المُؤمنين فاكفُر! تحتَ الصّراطِ جنّةُ العُميانِ على الحَبلِ نَحسِبُ خطواتنا أصفارنا أشدّ وطأةً من الألِف وقوعُنا نجاتُهُم.. فلنَحتَرِق؛ في التّحتِ يكمُنُ لأمثالِنا.. الرّاقِصون!
أتحسسني، أتأكد من سلاحي النائم في حقيبتي مستعدا للانقضاض على أي كائن يجرؤ على تدمير غَدِي، وبينما أمضي بهدوء واثقةً من قادمٍ أفضل ينتظرني، تتذكرني كلمات قيلتْ لي وكرّرتها بيقينٍ راسخٍ على كُثُرٍ يشبهونَني: (في زمنِ الحَرب.. سلاحُنا هو "هذا") مشيرةً إلى رأسي. لقد جرّبنا – وما زلنا – نجربُ ونطوّر...
اللُّقمَةُ نغمّسُها بالخَراءِ نشكرُ ربَّ النّعمةِ - السّجان - أنْ مَنَحنا موتًا مؤجلًا خمسةً وثلاثين عاما.. ومؤبّدَين يا رفاقي، الموتُ أن نغرزَ في حلوقنا الشّوكَ ونمنَحَ المُحتَلّ وردةَ النَّصرِ الموتُ ألا تكونَ الوردةُ في شَعرِ الحبيبة! *** ها مِلعَقَتي.. أصومُ عن الكَلامِ كي أحفرَ في...
كل يوم أغذّ السير إلى البحر، أجالسه باحثاً عن حوتٍ يبتلعني. حسناً، من الصعب أن تكون نبياً بلا شعبٍ تهدِيه إلى الحق! تسأل نفسك والزبد يعلقُ بأطراف أصابع قدميك: هل أنا على حقّ! أحقٌّ ما أدعوهم إليه! لو أنّه الحقُ لظهَرَ الحوتُ الآن وابتلعني! ثم تسأل نفسك ثانية: لكنني لم أدعُ أحداً بعد، ولم ينكِر...
"لا أرى سوى قصائد مرتعشةٍ تتلوها أفواهٌ اعتلاها سأمٌ طويلٌ من الكلام كلّ هذا هلامٌ زجاجيّ؛ تُنكرهُ الأعراس الصّامتة" *** شاعرٌ وُلدَ وفي فمه قُنبلة.. هاشم شلّولة، ابن غزة الذي تزامن إصدار ديوانه الأخير (سيأكلُ الذئب من ينتبه) - عن دار رواشن للشعر – مع قصف الاحتلال الصهيوني لغزّة قصفًا عنيفًا...
بطريقةٍ ما.. تعثرُ على صوتِك يتمَشّى في الطرقات يُحَيّي المارّة، تُؤنِسُهُ الوَحشَة، نشازُهُ عن أحبائِك لا يقُضّ مضجعَه، ألاّ يُخبرهُ أحد كمْ هو رقيق، يثيرُ حماستَه، مجهولٌ وحيدٌ متعبٌ وسعيد! يُخيفُكَ أن يمشي صوتُكَ بلا ظِلٍّ يُلملِمُ ما تساقَطَ عَنهُ من كلمات تشمُّها كلابُ الطريق "أيّ فريسةٍ...

هذا الملف

نصوص
13
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى