محمود سلطان

رأيت شبحًا، يقطع بهو السلاملك ذهابًا وإيابًا، ولا يؤنسه إلا الصمت والظلام، وخشخشة ارتطام أرجل الفئران في مخلفات حريق من الأوراق والكتب القديمة. رفعت رأسي بحذر، ترامى من الحرملك فحيح أفاعي، رأيتها تتلوى على الجدران، متدلية صوب نافذة مقابلة، والشبح يفرك يديه مرة، ويعقدها خلف ظهره تارة أخرى، يركل...
مقولة منسوبة لـ “البرت أينشتاين”(1) تقول: “شيئان لا حدود لهما.. الكون والغباء البشري، مع أنِّي لست متأكدا بخصوص الكون”. غير أنَّ الكاتب المغربي “محمد طيفوري”(2) في مقال جميل له، عن كيفية صناعة الغباء وتوظيفه في “الحشد” صحَّح هذه المقولة، وقال إنَّها للروائي الفرنسي “جوستاف فلوبير”(3). “طيفوري”...
كان طفلًا لا يتجاوز العشر سنوات، وهو يسمع جارهم سعيد الطويرجي، يصدح بأغنية محمد رشدي: "عرباوي شغلاه الشابة الحلوة السنيورة/أم التربيعة بترسم ضلاية على القورة" كان الطويرجي، يشدو معتليًا جدار بيته، يضع طوبةً على طوبةٍ، لا تفارق وجهه الضحوك، بهجة تعبق بأريج قلبه الطيب، يمسح عرقه بظهر راحته، تلمع...
استيقظت على صوت أهازيج صبايا، تنساب عذوبة من نافذة الغرفة، جعلتني أهجر طواعية نومي، وأغادر خدر فراشي الدافئ، أتلصص خلف شقوق الشيش، لم أتتبع ما تحمله الصواني والمشنات، بما لذّ وطاب، لم أرَ شيئًا، ملفوفة بقماش أبيض، تبدو مثل سحائب ترتع وتلعب فوق رؤوسهن. أطرقت ثملًا بما أسمع، كلمات مثل نور الفجر...
جسد المرأة.. والتفوق "الوطني" المزيف محمود سلطان دخل جسد المرأة كسلعة مستقلة لعالم المال والاستثمار، من خلال "مسابقات ملكة جمال الكون"؛ إذ تجلّت – في هذه المسابقات – نظرية (التشيّؤ) لـ(لوكاش)، و"العقل الأداتي" عند (هور كهايمر)، و (ماركوزة) بشكل واضح؛ إذ جرى التعامل مع "جسد المرأة" بصفته أداة...
( فى حضرة الامام ) قصة قصيرة يدوخنا فى دروبها الأستاذ محمود سلطان - كعادته - بين ماض عريق وحاضر يأبى الا أن يهدمه أو يهمله كأنه يهدمه ، فى حضرة الامام محمد عبده يستفتح اديبنا بلقطة عبقرية تجمع حدثين فى مشهد واحد بينهما نحو قرن من الزمان ، يركن الراوى سيارته قريبا من دار الافتاء ويسير على قدميه...
صف سيارته بالقرب من دار الإفتاء، مرق من أمام مسجد قايتباي، وقف هنيهة على ناصية شارع الإمام، شهد جمعًا غفيرًا، يحملون نعشًا ملفوفًا بجبة خضراء، تشبه ثياب الكهنوت، تراكضوا خلفه رجالًا ونساءً، عبروا به شارع صلاح سالم، وهناك.. أنزلوه وقد تبلل الكفن بالدموع، التي انثالت من العيون، انثيال المطر...
أتابع منذ فترة ليست بالطويلة إبداعات الأستاذ محمود سلطان وبخاصة في قصصه القصيرة. وفي قصته " زير الحاجة زُهرة" لفتني العنوان، وكقروي عاش الريف أعادني إلى الزمن الجميل الذي مثَّل فيه "الزير" ثلاجة أو مبردة ذاك الزمان وكذلك اختياره لاسم "الحاجة زُهرة" أحاطني بمعانٍ تجمع بين الأمومة والطهر فهي...
كانت "زهرة" أول من خرجت من الدار، اندفعت نحو الباب فتحته بعنف: صباح الخير يا أم سيد. كأنها تراها أول مرة، رغم أن الباب مفتوح على الباب، والجدار مسنود على الجدار. مر عليها ابن الجيران "سيد" يلهب ظهر حماره المعتل محملاً بالسباخ، يتعثر في حفرة ثقبتها شقاوة أطفال الحارة ليلاً، يسقط الغبيط يرمى حممه...
يجلس العمدة على كنبته، ومن خلفه تلمع فوهات البنادق، في غرفة "السلاحليك"، الملاصقة لدوار جنابه، مكفهر السحنة جاحظ العينين. يجلس بين يديه شيخ الخفر، لمح في عينيه قلقًا استفز دهشته، قليل الكلام على غير عادته، فيما لا يكف شيخ الخفر عن الرغى والثرثرة. ـــ سلامة جنابك يا عمدة! سأله وهو ينفخ عود غاب...
يمر توصيل المضمون القصصي من المنشئ إلى المتلقي من خلال التشفير بمراحل عدة تبدأ عند القاص بالمضمون وتنتهي بالمستوى الإملائي مرورا بالصورة السردية والكلامية ثم النظم ومستويات النحو والصرف والمستوى المعجمي والصوتي، بينما يبدأ المتلقي لحل الشفرة من الاتجاه العكسي مبتدأ بالمستوى الإملائي ليصل في...
نقلوا ما استطاعوا من متاع، في الحارة ترتطم الأجساد ذهابًا وإيابًا، لا وقت، الناس تتخطف من حولهم، تتعثر أقدامهم من تحتهم في الأرض المحفورة مقابر. حملوا الأحلام والأكفان. أسعدهم حظًا لحق بالسبنسة ومن تذيلوا قافلة الراحلين، حُشروا في عربة المواشي. تسلقت عيونهم الدامعة الشبابيك المسيجة بقضبان الحديد...
في شتاء عام 98 دعاني الشاعر الكبير الراحل عبد الرحمن الأبنودي إلى وجبة سمك بوري في منزله الريفي الجميل في قرية "الضبعية" بالإسماعيلية. كان عنده ـ آنذاك ـ الصحفي محمد القدوسي، مدير تحرير جريدة الشعب ( أيام إبراهيم شكري وعادل حسين ومجدي حسين وطلعت رميح) والتي كنت أعمل بها صحفيا في قسم التحقيقات...
في منتصف النهار، تلقى صاحب كل "فرشة"، إنذارًا، بإخلاء الشارع المحاذي للسوق، اضطرب المكان، سادته الفوضى، وأقبل الباعة على بعضهم يتساءلون، وضج الشارع بهمهمات تذمر هامسة، الرجال دبت في أوصالهم رعشة الخوف "من بكرة" والحل إيه؟!. ونساء يجلسن فوق فرشاتهن، يجففن بأطراف أسمالهن، دموعًا تلسع خدودهن...
في أغنية "عدى النهار" أو "موال النهار" لحنها بليغ بمقام "العجم" وهو بالمناسبة مقام يبدأ بالنغمة "دو" ـ وضع الإصبع الثالث (الوسطى) على الوتر الرابع "لا" الثاني من أعلى في العود ـ وينتهي أيضا بذات النغمة "دو". ولا أدري كيف صنع بليغ من هذا المقام الذي يوصف بأنه مقام الملوك والعظماء (لرفعه من قدر...

هذا الملف

نصوص
169
آخر تحديث

كتاب الملف

أعلى