إن القضية التي تشغل شاعرنا في جل أعماله- والتي طالعتها منذ أمد بعيد- هي قضية الحب الإلهي وما تشظّى عنها من تجليات تعتري قلب المريد؛ فيتبدل حاله ويسكن في عوالم الروح مرتقيا معاريج الجمال، محاولا الوصول، حيث لا وصول إلى هناك؛ ولذا تتجاذب الشاعر أحوال ورؤى، ويظل مشدوها تائها، يناظر قَمَرَه وتتراءى...
دثَّرْتُ روحي بسُحْب الغيب فامتلأت
أشجارها الخضرُ زيتونًا وأعنابا
وسال من حِدَقِ الرمان أغنيةٌ
تسري بصلصال هذا الجسم عُنَّابا
ناسوتُ قبضته الأولى بنفخته
قد طاب حتى ارتقى بالسر محرابا
أنْ بوركت جذوة النيران في جسدي
فَفُتّحت جنةُ العشاق أبوابا
ثم استوى عرشُ من أهوى على كبدي
فهمت في جذبة...
قد أشعلتها من فمي..
فأحرقت روحي، وقلبي
بل دمي..
حتى استباحت أضلعي وجوانحي
فلست أدري
جبهتي من معصمي..،
وكأن رجع دخانها
سلب القصيدة ما بها..،
حتى استراحت للصلاة
على جدار المبسم..،
وكأن رجع هوائها من ثغرها،
كالأرخبيل إذا توضأ من عصير الكرز
في تفاحها..،
فأباغت التفاح؛ ألثم جنة..
مابين مكة، والحطيم،...
ذكرى العاشر من رمضان.
أهدي القصيدة .. لجندي فقد ذراعه اليسرى على أرض سيناء، فغرسها فسيلة فاستحالت نخلة خضراء. عاد بذراعه اليمنى يدق بها أبواب النصر، باب قاهرة المعز.
لون من اللاشيء
يفرض نفسه ظلا
يخيم فوق جدران المدينة
واغتراب للمسافر في شوارعها التي كانت تطرز
من خيوط النور.. أدوية!!
تضمد...
قبلَ الخُصومةِ
في البِدايةِ"
سرد تاريخي يشف عن غيب صاحبه الماضوي، أو لاهوتية الروح في عوالمها المغيبة إما في تاريخ ما قبل القبل، أو مغيبة في الذات التي لا تشي بتاريخها أو واقعها مخافة التعري والبوح، فتلك الخصومة لا تزال هي البرزخ الذي يحجب الإنسان الكامل، عن الإنسان الصورة الذي من المفترض...
في طريقي إلى تلك المدينة التي تنفست فيها أربع سنوات متتاليات، وفي السنة الرابعة كان التقدير غير مناسب للمجهود الذي بذلته فيها، بيد أني كنت موفقا في الاختبار الشفوي.. عندما سألني الأستاذ الدكتور محمد رجب البيومي : عن قضية النظم عند عبد القاهر الجرجاني وأخذ يهز رأسه، ومن قبلها أجبت على آخر سؤال...
أزليّةٌ
أزليّةٌ تلك الحكايةُ
لا انتهاء لسحرها..
ترنيمةٌ أبديّةٌ
لا تبتدي..!!
لا تنتهي..!!
إن النهاية نقطةُ البدء التي
تنسابُ عطرًا ..
في حدائق لوزها..
هي رشفةُ الخمر الحلال..!!
هي صفحةُ الماء الزلال..!!
هي شهقةُ البحر التي باحت بسر عُبابه،
لمّا توهّم ذات يومٍ
أنّه عبر الحديقة فانتشى..
من مسك...
غدا سأجلس تحت شجرة الرمان التي غرسها أبي بيده الطاهرة، لي مع هذه الشجرة حكايات، وبيني وبينها أسرار، أظنها تخفيها عن كل الناس حتى أبي نفسه، لا يعرف أني حفرت اسمه بالأزميل على أعلى فرع فيها، كنت أحمل ولدي " يس" وهو ابن عام واحد، وكنت أهمس في أذنه: هذه شجرة جدك، إذا أرهقتك الدنيا يا ولدي: تعال...
ورثت الحب عن شيخي
أنا شيخي
فشيخي وارث الأنوار قدسية
سماوية
وكان المنبر المزروع في قلبي من الصغر
به ترنيمة الشيخ
قد اخضرت
به الأنوار صوفية
ونبض الشيخ مرآة به الأقدار تسيبح وترنيم سماوي
بريق الشيخ يرسمني
تسيل الذات كالنقطة بمحور قلبه شيخي
يباركها بترتيل ويغسلها بخلوته
ويرسلها إلى القدوس أغنية...
إن الدراسات الأدبية والنقدية أهملت مكونًا هامًا من مكونات الخطاب الأدبي شعرًا كان أو سردًا، وربما لم تنفرد دراسة عربية نقدية تؤسس لهذا المكون، والذي أعني به " الفضاء المرجعي" أو "مرجعية الفضاء"، وإن شئت فقل: "الفضاء المتخيل"، ولعل الكتاب الوحيد الذي تناول هذا الموضوع، وعالجه معالجة واعيةً، تحررت...