نزار قباني - يا فلسطين لا تنادي عليهم

يا حزيران.. مالذي فعل الشعر = وماذا أعطى لنا الشعراء؟
الدواوين في يدينا طروح = و التعابير كلها إنشاء
كل عام نأتي لسوق عكاظ = و علينا العمائم الخضراء
و نهز الرؤوس مثل الدراويش = و بالنار تكتوي سيناء
كل عام نأتي . . فهذا جرير = يتغنى ، و هذه الخنساء
لم نزل.. لم نزل نمصمص قشرا = و فلسطين خضبتها الدماء
سقطت في الوحول كل الفصاحات = و مات الخليل و الفراء
يا حزيران .. أنت أكبر منا = و أب أنت ما له أبناء
لو ملكنا بقية من إباء = لانتخينا…لكننا جبناء
نصف أشعارنا نقوش وماذا = ينفع النقش حين يهوي البناء
نرفض الشعر أن يكون حصاناً = يمتطيه الطغاة والأقوياء
ماهو الشعر إن غدا بهلواناً = يتسلى برقصه الخلفاء
ماهو الشعر حين يصبح فأراً = كسرة الخبز همه والغذاء
وإذا أصبح المفكر بوقاً = يستوي الفكر عندها والحذاء
عندما تبدأ البنادق بالعزف = تموت القصائد العصماء
وحدويّون..!والبلاد شظايا = كل جزء من لحمها أجزاء
ماركسيّون..!والجماهير تشقى = فلماذا لا يشبع الفقراء؟
قرشيّون..!لو رأتهم قريش = لاستجارت من رملها البيداء
لا يمين يجيرنا أو يسار = تحت حد السكين نحن سواء
لو قرأنا التاريخ ما ضاعت القدس = وضاعت من قبلها “الحمراء”..
يافلسطين لا تنادي عليهم = قد تساوى الأموات والأحياء
قتل النفط ما بهم من سجايا = ولقد يقتل الثريَّ الثراء
يافلسطين لا تنادي قريشاً = فقريش ماتت بها الخيلاء
لا تنادي الرجال من عبد شمس = لا تنادي لم يبق إلا النساء
ذروة الموت أن تموت المروءات = ويمشي إلى الوراء الوراء
أيها الراكعون في معبد الحرف = كفانا الدوار والإغماء
وقليل من الكلام نقي = وكثير من الكلام بغاء
كم أعاني مما كتبت عذابا = ويعاني في شرقنا الشرفاء
كل من قاتلوا بحرف شجاع = ثم ماتوا…. فإنهم شهداء
أنا ما جئت كي أكون خطيباً = فبلادي أضاعها الخطباء
إنني رافض زماني وعصري = ومن الرفض تولد الأشياء


نزار قباني

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى