طارق هاشم - دنيا.. شعر

لا مجال هنا للحديث عن دنيا
فحكايتها حملتها الشوارع قبل ان تولد بخمس سنين
كان الراعي في مدينتنا
يحكي عنها في كل زقاق وعطفه
للصيادين وهم ذاهبون الى البحر
كل صباح
لعمال البناء وهم يحملون سقالاتهم ويغنون
للبحارة الذين عادوا من البحر ليلا
كانوا يشاهدونه في ركن معتم وهو ينادي
هل شاهدتم دنيا
هل لمسها احدكم
هل استمعتم الى صوتها الملائكي
يقال انه ذات مره اوقف عصفورا
وراح يحكي له وهو يبكي
ذات يوم سانجب بنتا
سيكون بمقدورها ان تروي عطش الصحراء
بمجرد نظرتها اليها
ستكون هي الضؤ الذي تتسلل
على حباله الطيور الى الجنه
ستكون بمثابة الحياة
التي طالما انتظرتها دون جدوى
قبل خمس سنين
كان الراعي غريبا عن حارتنا
وكنا لانعرف عنه سوى
انه رجل طيب
فقط طيب
الى ان صار كحجر الاساس
في كل بيت
لاننام الا على صوت حكايته
اوقل شكواه
كان الراعي يقاوم وحدته
بالحديث مع اي قادم
ذات مره اوقفني
وقال لي
هل شاهدت دنيا
دنيا كانت هنا منذ قليل
كانت تساعدني في اطعام خرافي الصغار
ساعتها انطفات روحي
وغابت الاجوبه
كان كثيرون من حارتنا يعرفون الراعي
ومنهم من قال
انه شاهده منذ سنوات
في احياء اخرى يبكي
ومنهم من اقسم
انه لم يتزوج اصلا
لم يشاهد امراة قط طول حياته
لم يعرفها
لم يلمس يدها
لم يرقص مع طيفها حتى في الخيال
لم يقبل فمه فم جنس اخر
حين ملت مدينتنا حكاية الراعي
تركوه دون ان يجيب احد عليه
فلم يحتمل وحدته
في اليوم التالي غادر مدينتنا
ليبحث عن دنيا في مدينة اخرى
ربما وجدها
اوغاب مع حكايتها
حتى اذابهما المطر

طارق هاشم

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى