المصطفى المحبوب - بــــــــابي..

اليوم قدم لي باب بيتي
استقالة مكتوبة بخط رديء :

اشتقتُ لإنفعالات الزوار..
لأياد رطبة تمسح الغبار عن خشبي
وتضع بيني وبين شفتيها كتبا كثيرة...

اشتقت لأياديهم الناعمة
التي تقيني من برد الخيانة
وتطرد شياطين تعقبوني وأنا صغير..

لأياديهم المتشققة
التي تعجن التراب و الصبر
وتعلمني أن الغباء قد يزورنا دون قصد..

للأيادي الخجولة .. المتسرعة الخائفة ..
الفرحة الجائعة.. المحبة اليائسة ..
الهاربة الباحثة عن الحب والخبز...
اشتقت لدقات قلوب اختارت أعمدة
في الخلاء لتكسر أنفة الليل الذي
حضر طعاما لنفسه فقط ..

اشتقت لحيل اللصوص لقفازات أيديهم الذكية ..
لمفاتيح جربوها لفتح نصوص قادمة من مجرات بعيدة.
كنت أفطن لكل حيلهم ولأدواتهم المسروقة
فأخبر الحيطان والغرف والمغرمين والمطابخ ودواليب المحبة بالإحتماء والإختباء حتى أنهي خلافي مع قصائد هاربة من بيت شاعر هاجمه الوباء ..
اشتقت لكل شيء كان يساعدني على اليقظة ،
ويحافظ على راتبي الذي استعذب السهر بجانب أعمدة الكهرباء..

أنا الآن كائن
بدون عمل، بلا جدوى
بلا فائدة ، بلا رئة ..
لا أحتاج لعطف البيوت ورأفة دواليب الزينة والمنازل الدافئة ..
لا أستطيع تحمل نظرات تجعلني أسافر إلى أبعد مجرة ثم أعود ماشيا ...

لهذا أعتذر سيدي وأتمنى قبول استقالتي..
لا تخف، لن أطالبك بمستحقاتي ، فقط أطلب
منك منحي هذا القفل ، تلك المسامير ،
وعيني السحرية..!!

رجوت بابي أن يتراجع عن قرار استقالته ،
ذكرته بالأيام الأولى حين كنت أتدرب على دهانه وإزالة بصمات اللصوص عن أجزائه المنحوتة ،
ذكرته برجوعي المتأخر ليلا واضعا يدي على خرم قفله الذي بات يعرف لمساتي وارتعاشة أصابعي ..

في الأخير أخبرته بأني لن أقبل هذه الخيانة
لمجرد إشاعة أرهبته ، لمجرد وعد تراءى له وهو يفتش وسط أغراض باتت ذات ليل بجانبه..
إنها مجرد إغفاءات
بعدها ستجد كل الأجساد أمامك
كل الجميلات يطرقن خشبك
حاملة لك
أنهارا من الشوق
وشرابك المفضل ..!!

المصطفى المحبوب
المغرب ..

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى