أحمد دياب - خزانة الجدة.. شعر

جدتي:
♥️

(خذ دول ومتقلش لحد اني اديتك حاجه)


جدتي تخزن السنوات القديمة
في آخر غرفة بالبيت
كانت تحذرنا ألا نقترب منها
تقول خلف الباب
يوجد عفريت يسمى بخبخ
يحرس الجبن والعسل
كنت أضع أذني ولا أسمع شيئا
تربط المفتاح في ثوبها الأسود
من الداخل
ينام على رئتيها كحارس عقار
مرة تركت الباب مواربا
دلفت خلفها دون أن تراني
في البدء لم أر غير اشياء
على هيئة أشباح
عتمة بالكاد رأيتها
تنحني لترص الجبن
تعلق أواني السمن الفخارية
على الحيطان القديمة
هنا ملابس وأحذية مهترئة
ماجور كبير يقال انهم
أقعدوني كالأمير في الصغر
وجاء بالحلاق وختنني
لولا زغرودة الخالة سعدية
والتي غيرت مسار الجرح
بالتهليل والأغاني
أذكر منها مقطعا
لا داعي لذكره في النص
من يومها وأنا لا أحب المواجير
والحلاقين
هنا أوعية نحاسية صدئة
ابريق المونيوم
أذكر كنت أصب على
أيدي المعازيم ليغسلوا ايديهم
في المناسبات والأعراس
أقدم لهم البشكير المعلق على كتفي
هنا عناكب مقيمة إقامة دائمة
تتسلق خيوطها بأمان تام
عتمة باردة تصلح للنوم
في قيلولة الصيف
جدتي بلا ملامح
كمخزنها ليس به نوافذ
عيونها الغائرة كآبار مطمورة
تجاعيد وشم على ذقنها
كخاتم زمني عتيق
كانت رهبة سرية غامضة
قلت يا جدتي
لم تلتفت
كررت يا جدتي
اين العفريت بخبخ
أنا كبرت
قالت أعلم ولذا
تركت الباب مواربا هذه المرة
وقفت تكلمني كمرشدة سياحية
تشير على الزوايا باصبعها
وكانها أمام أثر فرعوني
تقول:
هنا تزوجت جدك
هنا أطعمتكم
هنا خزنت لكم الأحلام
كنت اخاف عليكم الجوع
في السنين العجاف.
__________________
احمد دياب

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى