عبدالعزيز فهمي - كل من جاء ذهب...

جئتُ وها أنا ذهبتُ
فلا تمنعوا الطرقات أن تستقبل الفجر
جُبْتُ شوارع مصابة بالخُراف
تذكرتني نهارا
نسيتني في الليل
فتهت في سوق الذكريات
صمتٌ هذا الذي يتكلم داخلي
لا جسور أعتليها كي أصل إلى هنا
لأن ظلالها القصيرة تتمدد كالفراغ الأسود
هناك
يا أمكنتي المتعبة
بالحنين
قدماي تبحثان عن أثر الخطو
الخطو إليَّ
الخطو إليك
أعرف أن هذا الممكن مستحيل
لكني أعاند
ولا أبالي...
جئت وها أنا ذهبت
فلا توقفوا حكي الأشجار على الأرصفة
لا تكمموا مناقر العصافير الحالمة
لا تكبلوا الغد بالأمس
فكل يوم جديد
بداية أمل
حديقة أحلام...
فإني عدت كعودة النوارس إلى بحر
متخن بالانتظار
لم أجد هوية تفتح ذراعيها
لما تركتُه منشغلا بوهم البقاء
ولا لغة تفرش ما سهُل في سجل المتمنيات
كي أرسم شجرة تفاح في الهواء
لعل بدءا آخر يبدأ
وجدت الريح ترتبُ الكينونةَ
في شساعة الجهات
لا ماء
لا مطر
يشد رحاله إلى نبعنا
كي تبتسم شفاه الحياة
وجدت الغبار يضحك كلما فقدَ موطنه
وسكن جبة التيه
لأن جرحا آخر يشد يد جرح آخر
يتعلمان طقوس الصبر
هكذا جئتُ وها أنا ذهبت
إلى أولي في نهاية الأسئلة
أجوبتي التي كدستها
في جيوب الأيام
لا تجدي في صياغة الكلام
من جديد
لذا أسكن بهو التأمل
فأدرب عينيَّ على السمع
وفمي على الصمت
أنصتُ لما تقوله حشود الجدارن المتراكمة
في هذا الدمار الخانق
فإني جئت
لكني ذهبت
لعل نباح الكلاب يتوقف
على الأسطح
وراء النوافذ
أمام الأبواب
في الشوارع
ولعل القمامة يكنسها الترجي
فتتضح الكلمات قدام الأقلام العاطلة
لنكتب صك إدانتنا
فإني رأيت العبث ينشر رجليه
في هذا العبث
لم أر أحدا يشد أذنيه
كي يَهْدأََ قليلا
ويتعظ
قبل أن تموت الأرض
هذه اليتمية
هذه الجميلة
في صحن الكون
لا تشِح
لا تغضب
لكنها تموت ببطء
كما نموت نحن
بالضجيج
وبالصمت...
عزيز فهمي/المغرب

تعليقات

لا توجد تعليقات.
أعلى